خلاصة ما قاله بعض العلماء في سب الناس الدهر ، مع كون بعض الأحاديث تذكر أن الدهر هو الله، هو أن المقصود أن تقلب الأحوال أمر فطري في كون الله، والواجب على المسلمين أن يحمد الله على كل حال ، ولا يضجر ، لأن هذا التقلب من فعل الله ، والمسلم نظيف اللسان ،ليس بالسباب ولا اللعان .

يقول الدكتور إسماعيل الدفتار أستاذ الحديث بجامعة الأزهر :

في الحديث القدسي قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ يقولُ: يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فلا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فإنِّي أنا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ ونَهارَهُ، فإذا شِئْتُ قَبَضْتُهُما، وهو في صحيح مسلم وأن الدهر في الحديث هو ظرف لتقلب الليل والنهار في إشارة إلى أن الله تعالى يقلب الليل والنهار طوال الدهر وهذا توجيه للناس بألا يتضجروا من تقلبات الأحوال مع تقلب الزمان ولا ينسبوا هذا التقلب إلى الزمان؛ لأن المبدئ والفاعل الحقيقي لأي شيء هو الله و لا يليق بأهل الإيمان الحقيقي أن يتضجروا من فعل الله لأنه يجب على المؤمن أن يسلم أمره كله لله، فإن جاء أمر الله خيرا شكر وإن جاء غير ذلك صبر واحتسب؛ لأنه سبحانه وتعالى القائل: “فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا” وقال تعالى أيضا “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون” .

إن أهم ما يستفاد من هذا الحديث أن الإنسان لا ينسب الأشياء إلى غير فاعلها ولا يتضجر من الزمن لأن الزمن لا دخل له في صنع الأشياء وإنما هو وعاء للتصرفات، وأن الفاعل الحقيقي لكل شيء في الدهر هو الله فيجب التسليم بقضائه وقدره حلوه ومره ، وهذا لا يتوفر إلا للمؤمنين الصادقين. انتهى

ويقول الدكتور جمال رجب سيدبي أستاذ مساعد الفلسفة الإسلامية بكلية التربية جامعة قناة السويس:
إنه من الأمور اللافتة للنظر أن البعض ينفس عن همومه ومشكلاته عن طريق سب الدهر أو سب الزمن، وكما جاء في الحديث “لا تسبوا الدهر” هذا يدل دلالة واضحة على النهي عن سب الزمن أو الدهر وربما يعود هذا إلى عدة أسباب أولها الجهل بحقيقة القرآن والسنة فالمسلم مطالب بالالتزام بالنهي عما أمره الشارع الحكيم، وهناك أسباب أخرى تعود إلى الجانب النفسي للإنسان، فالإنسان عندما تواجهه بعض المشكلات والخطوب يتوجه مباشرة إلى التنفيس في الآخر ، والآخر يتمثل هنا في الزمن أو الدهر، وهذا ما يسمي في علم النفس بمنهج الإسقاط النفسي.

و سب الزمن أو سب الدهر من الأمور التي ينبغي على المسلم أن يبرأ منها وخاصة أن الشارع الحكيم يقول في الحديث “إن الدهر هو الله” ولكن المسلم الذي يقع في هذا الخطأ بدون معرفة أو علم فعليه أن يستغفر الله ويتوب ولا يعود إلى هذا الذنب مرة ثانية، ولا يستصغر الذنب فالكلمة قد تكون مورد “للتهلكة” كما يقول المولى تبارك وتعالى: “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” والمسلم الصحيح ليس باللعان ولا بالبذيء في القول إنما المسلم يتحلى بالخلق الفضيل ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة.