الذنوب تنقسم إلى قسمين صغائر وكبائر، وذكر العلماء إلى أن المكفرات لذنوب العبد، أولاً ما يجريه رب العزة من أنواع البلايا، والشدائد، والمصائب له في الحياة، فإن لم تفي شُدِّد عليه عند احتضاره، فإن لم تفي عُذِّب في قبره، فإن لم يفِ كان نصيبه من عذاب جهنم ما يستوفي به عقوبته؛ بسبب ما اقترفت يداه.
وأما سؤال القبر فالعبد إنما يقوى على إجابة الملكين بما عمر به قلبه من إيمان، وما قدم من عمل صالح يقوي حجته للحديث إذا وضع العبد في القبر، احتوشته أعماله الصالحة فكانت الصلاة عند رأسه، والصيام عن يمينه، والزكاة عن شماله، والإحسان إلى الناس عند رجليه، فإذا جاءه الملكان قبل رأسه قالت الصلاة: ليس قبلي مدخل، وإذا جاءا عن يمينه قال الصيام ليس قبلي مدخل، وإذا جاءا عن شماله قالت الزكاة ليس قبلي مدخل، وإذا جاءا من قبل رجليه، قال الإحسان إلى الناس، ليس قبلي مدخل”.
فعلى هذا فإذا كان العبد ممن ارتكب الصغائر ولم يتجاوزها “الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَم”، فلا يكون بعيدًا عن رحمة الله سبحانه وتثبيته وتجاوزه، وأما إذا كان من أصحاب الكبائر، والإصرار عليها، فالعياذ بالله عز وجل من أن يحرم من التثبيت عند سؤال الملكين للحديث “أن رجلاً يقال له كركرة، استأمنه النبي -عليه الصلاة والسلام- على متاع، فلما مات أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الشملة “أي الكساء” الذي غلّه “سرقه” من المتاع قد اشتملت عليه، وهي تشتعل نارًا.