جاء في رسائل الشيخ محمد الحمود النجدي حول هذا الموضوع ما يأتي :ـ
إن الاهتمام المبالغ فيه بالمظاهر هو من الإفراط المذموم ، فالإسلام دين الوسطية ، بين الإفراط والتفريط بين الغلو والجفاء ، فقد قال سبحانه وتعالى : ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) الأعراف/31
فأمرنا بأن نأخذ زينتنا عند إتيان المساجد وإرادة الصلاة ، وأباح لنا الأكل والشرب ، ثم حذرنا من الإسراف والمبالغة ، وأخبرنا أنه لا يحب المسرفين .
وقال سبحانه وتعالى : ( ولا تبذر تبذيراً ، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً ) الإسراء /26-27
فالمبذر قرين الشيطان ومثيله في خُلقه ، لتضييعه الأموال وصرفها في غير ما هو نافع ، وضابط ذلك كما قال العلماء : ألا يكون في منفعة دينية ولا دنيوية .
أما المسلم ، فإن خلقه كما وصفه الله عز وجل : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) الفرقان /67 . فهم بين الإسراف والتقتير والتبذير والبخل في الإنفاق ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : كل واشرب والبس ما اخطأتك خصلتان : سرف ومخيلة .
وكثير من الناس يحرص على أن يكون ظاهره في أكمل صورة وأنظفها وأجملها وأطيبها ثم لا يطهر قلبه ونفسه من الأمراض الذي حذرنا الله منها ، كالنفاق والكذب والحسد والكبر والرياء والفخر والعجب بالنفس والظلم والجهل والغل على المؤمنين أو الشهوات المحرمة الخبيثة وغير ذلك ، وقد نبهنا الله تعالى إلى أن لباس التقوى والتجمل به خير من اللباس الظاهر فقال سبحانه : ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ) الأعراف /26 وقد صاغ ذلك أحد الشعراء فقال :
إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى
تقلب عُرياناً وإن كان كاسياً
وخير لباس المرء طاعة ربه
ولا خير في المرء إن كان عاصياً
وأخبر رسول الهدى ﷺ العباد بمجمل الفلاح والنجاح من العبد ، فقال : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة . فالقلوب هي محل التقوى ومعادن الرجال وكنوز المعرفة ، والأعمال هي ميزان العباد عند الله تعالى ، كما قال سبحانه : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات/13 فعجباً لمن يهتم بموضع نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر ، ويزينه لئلا يطّلع فيه على عيب ، ثم لا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق فيطهره ويزينه .