شرع ديننا الحنيف الطلاق لكنه جعله أبغض الحلال، والطلاق شرع لمصلحة البشر، إلا أن الناس أساءوا استعماله، وصار يلفظ على اللسان من دون احترام لحدود الله، بل وصار الحل الأول الذي يلجأ إليه الزوجان عند نشوب الخلاف بينهما أو عند الغضب.
والطلاق الذي يأتي بلا ترو، وفي لحظات الغضب، أو في حالات العناد يكون مدمرا للأسرة، لأن المشاكل الصغيرة يمكن حلها بسهولة من دون اللجوء إلى الطلاق، وأن العناد لا ينفع في حل المشاكل، فهناك عدد من الرجال يلجأون إلى اسلوب التهديد بالطلاق من أجل حل خلافاتهم، وهنا ومن باب الكرامة تصر الزوجة على موقفها ويصر الزوج على رأيه، ويقع الطلاق والضحية هم الأبناء.
ومعظم البيوت اليوم تشبه بيوت العنكبوت، تتمزق عند أخف نسمة هواء، ووقوع الطلاق لأسباب تافهة دليل على ضعف المحبة بين الزوجين. والموقف البسيط الذي يؤدي في النهاية إلى الطلاق يدل على أن رصيد الحب بين الزوجين على مستوى الإفلاس، ولهذا يعتبر أي موقف سلبي ولو كان تافها كالقشة التي قصمت ظهر البعير.
ما هو زواج التحليل وماذا قال عنه النبي:
جاء في كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق- رحمه الله-:-
زواج التحليل وهو أن يتزوج رجل المطلقة ثلاثا بعد انقضاء عدتها ، أو يدخل بها ثم يطلقها ليحلها للزوج الأول . وهذا النوع من الزواج كبيرة من كبائر الإثم والفواحش ، حرمه الله ، ولعن فاعله .
1 – فعن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ قال : ( لعن الله المحلل والمحلل له ) . رواه أحمد بسند حسن .
2 – وعن عبد الله بن مسعود قال : ( لعن رسول الله ﷺ المحلل والمحلل له ) . . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث حسن صحيح . وقد روي هذا الحديث عن النبي ﷺ من غير وجه . والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ منهم : عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعبد الله بن عمر وغيرهم . وهو قول الفقهاء من التابعين .
3 – وعن عقبة بن عامر : أن رسول الله ﷺ قال : ( ألا أخبركم بالتيس المستعار ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : ( هو المحلل ، لعن الله المحلل والمحلل له ) . رواه ابن ماجة ، والحاكم ، وأعله أبو زرعة وأبو حاتم بالإرسال . واستنكره البخاري ، وفيه يحيى بن عثمان ، وهو ضعيف .
4 – وعن ابن عباس أن رسول الله ﷺ سئل عن المحلل ، فقال : ( لا . إلا نكاح رغبة ، لا دلسة ، ولا استهزاء بكتاب الله عزوجل ، حتى تذوق عسيلته ) . رواه أبو إسحاق الجوزجاني .
5 – وعن عمر رضي الله عنه قال ، ( لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما ) . فسئل ابنه عن ذلك فقال : كلاهما زان . رواه ابن المنذر ، وابن رأبي شيبة ، وعبد الرزاق .
6 – وسأل رجل ابن عمر فقال : ما تقول في امرأة تزوجتها لأحلها لزوجها ، ولم يأمرني ولم يعلم ؟ فقال له ابن عمر : ( لا ، إلا نكاح رغبة ، إن أعجبتك أمسكتها ، وان كرهتها فارقتها ، وإن كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله ﷺ ) . وقال : لا يزالان زانيين وان مكثا عشرين سنة إذا علم أنه يريد أن يحلها .
حكم زواج المحلل:
هذه النصوص صريحة في بطلان هذا الزواج وعدم صحته ، لأن اللعن لا يكون إلا على أمر غير جائز في الشريعة ، وهو لا يحل المرأة للزوج الأول .
ولو لم يشترط التحليل عند العقد مادام قصد التحليل قائما ، فان العبرة بالمقاصد والنوايا .