لقد شكك المشككون في زواج النبي ﷺ من عائشة وقالوا :كيف يتزوجها وهي ابن تسع سنين ،وقد تعدى الخمسين ،ولكن الأمر يتضح عندما يعلم أن عائشة قد خطبت قبل خطبة النبي ﷺ لها،ثم إن البيئة قد يكون لها أثر في بلوغ البنت في سن مبكرة.
وفي ذلك يقول الشيخ محمد الغزالي (رحمه الله ):
سؤال وارد لا غرابة فيه! ولكن الدهشة سوف تزول يقينًا عندما يعلم أن عائشة قد تقدم لها قبل محمد أحد الخاطبين!.
فقد ذكر بعض المؤرخين أن جبير بن المطعم بن عدي تقدم لخطبة عائشة، وحدث بذلك أبويه فقبلا بادئ ذي بدء وذهبا إلى أبي بكر راغبين في إتمام الزواج، غير أنهما خشيا بعد قليل أن يترك ابنهما دين آبائه، ويعتنق الإسلام متأثرًا بأصهاره، فتريثا في الأمر، وبدا لهما أن يرجئاه.
وهنا جاءت خولة بنت حكيم إلى أبي بكر تذكر أن النبي –ﷺ- يتجه إلى طلب عائشة، وذهب أبو بكر إلى المطعم يسأله: أهو باق على رغبته في خطبتها لابنه؟ فاعتذر إليه، وترك له حرية التصرف.
وعندئذ لم يبق هنالك وعد ولا عهد، وتم زواج محمد من بنت أبي بكر! إن هناك فتيات ينضجن في سن مبكرة، وقد أخبرني أحد الأطباء أن القضاء عرض عليه فتاة لمعرفة عمرها، فقدر لها سن سبعة عشر عامًا، ثم تبين من شهادة الميلاد أنها في الثالثة عشرة.
إن عائشة يوم بنى بها الرسول كانت أهلاً للزواج يقينًا، وما نشك في أن الدافع الأول هذا الزواج كان توثيق العلائق بين النبي الكريم وصاحبه الأول، وهو الدافع لتزوجه من حفصة بنت عمر بن الخطاب لما آمت من زوجها! ولم تكن حفصة امرأة ذات جمال، ولكن هذا العنصر لم يكن المانع من هذه، ولا الدافع إلى تلك!
لقد كانت هناك أسباب اجتماعية وسياسية أوحت بتعزيز الروابط حينًا، وجبر الكسور حينًا، ومد الجسور بين صاحب الدعوة وأشتات من الأتباع والأسر التي تزحم جزيرة العرب في أيام مليئة بالأزمات والمحرجات..