-من الثابت أن الملائكة المُوكَّلة بقبض الرُّوح تنزل إلى المُحْتضر، ويراها وتبشِّره بالخير إن كان مؤمنًا على ما فُسِّر به قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (سورة فصلت : 30).
-وتبشره بالشر إذا كان كافرا، كما في قوله تعالى : ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق) (سورة الأنفال :50).
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ دخل على أبي سلمة ـ رضي الله عنه ـ وهو في الموت فلما شُق بصره، أي شخص مدَّ رسول الله ـ ﷺ ـ يده فَأَغْمَضَه ، فلمَّا أَغْمَضَه صاحَ أهل البيت فسكَّتهم وقال: “إن النَّفس إذا خرجت يتبعُها البصرُ، وإن الملائكة تحضر الموت، فيُؤمِّنون على ما يقول أهل الميت” ثم قال : “اللَّهُمَّ ارْفَع درجة أبي سلمة في المهديين، واخْلُفْهُ في عَقْبِه في الآخرين، واغفر لنا وله يوم الدين”.
وعن أبي هريرة عن النبي ـ ﷺ ـ قال : إن المؤمن إذا احتضر أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون : اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح وريحان ورب غير غضبان فتخرج كأطيب ريح مسك حتى إنهم ليناوله بعضهم بعضا يشمونه حتى يأتوا به باب السماء فيقولون : ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض ، وكلما أتوا سماء قالوا ذلك ، حتى يأتوا به أرواح المؤمنين فلهم أفرح به من أحدكم بغائبه إذا قدم عليه ، فيسألونه : ما فعل فلان ؟ قال : فيقولون : دعوه حتى يستريح فإنه كان في غم الدنيا … وأما الكافر فإن ملائكة العذاب تأتيه فتقول : اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله وسخطه فتخرج كأنتن ريح جيفة ، فينطلقون به إلى باب الأرض فيقولون : ما أنتن هذه الريح ، كلما أتوا على أرض قالوا ذلك حتى يأتوا به أرواح الكفار. صححه المنذري وصحح العراقي نحوه.
ورؤية الميت الملائكة في هذه النصوص عام لا فرق فيه بين ميت وميت، سواء كان حريقا أو غريقا أو نائما أو غير ذلك، لأن الروح هي التي ترى الملائكة.
ذلك شيء مما جاء في الكتب المَعنية بأمور الموت، ومع ذلك فإن كل الأحوال الأخروية ومقدماتها لا تُعلمُ إلا بخبر صادق، فلا ينبغي الجدال فيها، وإنما ينبغي الاهتمام بالعمل الصالح الذي يختم الله به حياتنا بالحُسنى، ولنحسن الظن بالله كلما اقترب الأجل، فهو سبحانه عند حُسْن ظنِّ عبده به، وبخاصة عند القدوم عليه، ومن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه.