كره الحنفية رمي ما قص من الشعر والأظافر وما فصل عن البدن كالسن وغيره في مكان النجاسة كالخلاء ( الحمام) ونحوه ، واستحبوا دفنها إن تيسر، فإن لم يتيسر يستحب إلقاؤها في مكان غير نجس، واستأنسوا بقول الله عز وجل: ( ألم نجعل الأرض كفاتاً * أحياءً وأمواتاً ).
ومذهب الحنابلة مثل مذهب الحنفية ، وليس مطلوبا رمي الشعر والأظافر في البحر.
جاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ:
استحب بعض العلماء أن يدفن الإنسان ما أزاله من شعره أو ظفره أو سنه، وذكروا في ذلك أثرًا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ولا شك أن فعل الصحابي أولى من فعل غيره، وقد ذهب إلى هذا فقهاؤنا رحمهم الله فقالوا: إنه ينبغي أن يدفن ما أزاله من شعر وظفر وسن ونحوه، قال الإمام أحمد في قوله تعالى : { ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا }، قال يلقون الأحياء فيها الدم , والشعر , والأظافير وتدفنون فيها موتاكم , (انتهى).
و يقول الشيخ عطية صقر ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :
جاء في تفسير القرطبي ” ج2 ص 102″ أن الحكيم الترمذي ذكر في “نوادر الأصول” أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “قُصُّوا أظافِيرَكم ، وادفنوا قُلاماتكم، ونَقُّوا بَراجمكم، ونظفوا لِثاتكم من الطعام، وتَسَنَّنُوا ولا تَدخلوا عَلَىَّ فُخْرًا بُخْرًا “، والبَخَر: الرَّائحة المتغيرة من الفم.
وقال أَبو حنيفة: البَخَرُ: النَّتْنُ يكون في الفم وغيره، والفخر هو التفاخر،والتسنُّنُ تنظيف الأسنان بالسواك.
ثم تكلم عليه فأحسن، وفي شرحه لدفن القلامات قال: إن جسد المؤمن ذو حرمة، فما سقط منه وزال عنه فحفظه من الحرمة قائم، فَيَحِقُّ عليه أن يدفنه، كما أنه لو مات دُفِنَ، فإذا مات بعضه فكذلك أيضًا تقام حرمته بدفنه، كيلا يتفرق ولا يقع في النار أو في مزابل قذرة، وقد أمر رسول الله ـ ﷺ ـ بدفن دمه حيث احتجم كيلا تبحث عنه الكلاب.
ثم ذكر حديثًا عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ
كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان : الشعر والظفر والدم والحَيْضة والسِّنَّ والقُلفة والبشيمة، ولم يذكر سَنَدُ هذا الحديث حتى يمكن الاستشهاد به.
وقد تحدث العلماء عن دفن الشعر والظفر والدم فقالوا: إنه سُنَّةٌ، وجاء في كتاب “غذاء الألباب للسفاريني ج 1 ص 382” عن “الإقناع” أن الخلال رَوَى بإسناده عن مثل بنتٍ بشرح الأشعرية قالت: رأيت أبي يقلم أظفاره ويدفنها ويقول: رأيت النبي ـ ﷺ ـ يفعل ذلك.
وعن ابن جريج عن النبي ـ ﷺ ـ كان يعجبه دفن الدم، وقال مُهَنَّا: سألت أحمد ابن حنبل عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره أيدفنه أم يُلقيه؟ قال: يدفنه. قلت: بَلَغَكَ فيه شيء؟ قال: كان ابن عمر يفعله.
فدَفْنُ فضلات الإنسان سُنَّ لتكريم الإنسان بتكريم أجزائه، وللنظافة بمُواراتها وعدم التلوث بها، وصَوْنًا لها عن استخدامها فيما يضر كما كان يفعله المشتغلون بالسحر واستخدام آثار الإنسان في ذلك.
وقد ذكر ابن حجر في أَخْذِ معاوية لقَصَّةِ الشعر أنَّ دفنها ليس بواجب.
لكن لو لم تُدفن هذه الأشياء فلا يعاقب عليها، لأن المكروه وهو مقابل السنة لا عقاب عليه.(انتهى).