يدعي أهل البدع أن النبي أخرج يده من قبره ليصافح بعض أولياء الله.

فهذا أمر باطل ولا أساس له من الصحة ، لأنه قد توفي الموتة التي كتبها الله عليه كما قال سبحانه : “إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ” وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : (إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام) وقال : ( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض عليك وقد أرمت؟ قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

ولم يقل في شيء منها أنه يصافح أحدًا ، فدل ذلك على بطلان هذه الحكاية ، ولو فرضنا صحة ذلك فإن ذلك يحمل على أنه شيطان صافحه ليلبس عليه أمره ، ويفتنه ومن بعد فالواجب على جميع المسلمين أن يتقوا الله وأن يتمسكوا بشرعه الذي دل عليه كتابه الكريم وسنة رسوله الأمين ، وأن يحذروا ما يخالف ذلك أصلح الله أحوال المسلمين ومنحهم الفقه في دينه والتمسك بشريعته إنه جواد كريم .

هل ذكرت كتب التاريخ مد النبي عليه السلام يده ليصافح أحد الأولياء:

إن قصة مد اليد الشريفة من قبر النبي ليقبلها أحد الأولياء، هي واحدة من القصص التي يواظب على ترديدها البعض متى سنحت لهم الفرصة، ويزعمون أنها معجزة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكرامة لهذا الولي، وهي عند أهل العلم قصة مختلقة شأنها شأن الكثير من القصص.

ومما يبين أنها مختلقة، أن كل الكتب المتخصصة بذكر تراجم مشاهير الرجال وتقصي أخبارهم وأقوالهم وما جرى معهم، لم تذكر هذه القصة ولم تشر إليها لا من قريب ولا من بعيد، مثل “سير أعلام النبلاء” للذهبي، أو “البداية والنهاية” لابن كثير، أو غيرها.

وكذلك فإن كل كتب التاريخ لم تذكر هذه القصّة! مثل كتاب طبقات الأولياء للشعراني الذي اعتنى بذكر حوادث تافهة وعدها من كرامات بعض الشخصيات، ومع ذلك لم يذكر هذه الحادثة على عظم قدرها! وهذا يبين أن القصة مكذوبة ولم يكن لها وجود في زمن الشعراني.

قصة مد النبي عليه السلام يده ليصافح أحد الأولياء:

يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله -: هذه الحكاية باطلة وخرافة، لا أصل لها ولا أساس لها، ولم يمد النبي يده بعد الموت لأحد من الناس، ولا كلم أحدا من الناس -عليه الصلاة والسلام-، وإنما جاء في الحديث: “ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي، حتى أرد عليه السلام” وليس فيه أنه يسمع الرد، وإنما الرسول يرد على من سلم عليه، إما مشافهة، وإما بواسطة الملائكة، كما في الحديث الآخر: “إن لله ملائكة سياحين، يبلغوني عن أمتي السلام” وهو حين يرد السلام ليس معناه أنه يسمعه المسلم، بل يرد السلام، إما مطلقا، وإما بواسطة الملائكة الذين يبلغونه السلام -عليه الصلاة والسلام-، وفي الحديث الآخر: “صلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم” وفي اللفظ الآخر: “فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم” أما أنه مد يده لأحد من الناس؛ فهذا شيء لا أصل له، بل هو باطل.