يقول الله عز وجل : ( وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ).
فيخبرنا الله عز وجل عن لطفه ورحمته بعباده ، من أنه سبحانه لا يستجيب لهم ما يدعون به على أنفسهم وقت الضيق والضجر من الدعوة بإهلاك الأموال والأولاد ، وتسرعهم في ذلك وكأنهم يدعون لأنفسهم ، على أنه يجب عدم التوسع في ذلك ‏ حتى لا يوافق الدعاء ساعة إجابة ،فيستجاب لها بقدر الله. ‏

والدعاء على النفس منهي عنه كما روى أبو داود عن جابر رضي الله عنه أن النبي قال : “لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة نَيْلٍ فيها عطاء فيستجاب لكم”.
وروى مسلم وغيره عن أم سلمة قالت : قال رسول الله : “لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون” .

وعن جابر -رضى الله عنه- أن النبي قال : “من هذا اللاعن بعيره ؟ انزل عنه، فلا تصحبنا بملعون ، لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم”.

وقد جعل الإسلام من شروط إجابة الدعاء : الدعاء بغير إثم أو قطيعة رحم، لما رواه أحمد عن أبي سعيد أن النبي قال: “ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذًا نكثر؟ قال: الله أكثر”.

ومن رحمة الله تعالى أنه لا يستجيب الدعاء بالشر غالبًا ، كما قال تعالى : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ).

يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا).
يخبر تعالى عن عجلة الإنسان ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده أو ماله بالشر أي بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه كما قال تعالى ( ولو يعجل الله للناس الشر ) الآية ، وكذا فسره ابن عباس ومجاهد وقتادة وقد تقدم في الحديث ” لا تدعوا على أنفسكم ولا على أموالكم أن توافقوا من الله ساعة إجابة يستجيب فيها” وإنما يحمل ابن آدم على ذلك قلقه وعجلته ،ولهذا قال تعالى ( وكان الإنسان عجولا ).