الدراسة كمعرفة لا باس بها أبدًا، والمهم هو أثرها على العقيدة والسلوك وتطبيقها في المجالات النافعة، وموقف الدين من الحَثِّ عَلَى العلم وتكريم العلماء معروف، والواجب هو الاستفادة منه بتعميق الإيمان بالله واستثمار خيرات الأرض لتحقيق خلافة الإنسان فيها، وقد قال الله تعالى في سورة فاطر بعد ذكر مجالات مختلفة للعلم في السماء والأرض بالنبات والجبال والإنسان والحيوان (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (سورة فاطر: 28).

فإذا استخدمت مواد كليات الحقوق في التعاون على الخير، بالوصول إلى الحق ودفع الظلم كان ذلك خيرًا، بل طاعة لله سبحانه يُثاب عليها، وإن استخدمت في غير ذلك كانت إما عبثًا وإما فسادًا والحق هو ما قرره الشرع في مصادره المعروفة، والظلم ما سوى ذلك، كما أن دراستها لو كانت للمقارنة بينها وبين الشرع ليتبين الحق من الباطل، بمقدار النية الباعثة عليها، كما قالوا في جواز تعلُّم السحر لمعرفة الفرق بينه وبين المعجزة، وفي تعلُّم الشر من أجل البعد عنه، كما جاء في القول المشهور.
عرفتُ الشر لا للشر لكن لتوقيه
ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه

وننبه الدارسين للقوانين بوجه عام إلى قول الله سبحانه: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) (سورة النساء : 107) وقوله تعالى: (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهمُْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) (سورة النساء : 109) وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه أبو داود والطبراني بإسناد جيد ” من خاصم في باطل وهو يعلم ـ وفي رواية أو أعان عليه ـ لم يزل في سخط الله حتى ينزع” وقول الله سبحانه: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (سورة المائدة : 44) وفي آية أخرى (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وفي آية أخرى (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (سورة المائدة : 45-46).