يقول الدكتور محمد سيد المسير-رحمه الله تعالى-:

أجمع العلماء على أن الطِّيب كله يحرُم على المُحرِم بالحج أو العمرة في حال إحرامه، وذلك أن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ سئل: ما يَلبَس المحرم من الثياب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “لا تَلبَسوا القُمُصَ ولا العمائمَ ولا السراويلاتِ ولا البرانسَ ولا الخفافَ، إلا أحد لا يجد النعلَين فَلْيَلْبَس الخفَّين وَلْيَقْطَعْهما أسفلَ من الكعبَين، ولا تَلبَسوا من الثياب شيئًا مسَّه الزعفرانُ ولا الوَرْسُ. فقد حصر هذا الحديث محظورات الإحرام، فنبَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالقميص والسراويل على ما في معناهما وهو كل مَخيط معمول على قدر البدن أو قدر عضو منه. ونبَّه بالعمائم والبرانس على كل ساتر للرأس بالنسبة للرجل، ونبَّه بالورس والزعفران على كل أنواع الطيب.

فوضعُ الطِّيب على جسم المُحرِم أو ثوبه أثناء أدائه للنسك حرامٌ شرعًا، وتجب إزالته بالغسل أو خلع الثوب؛ لأنه يتنافى مع التجرد المطلوب في هذا الموقف العظيم المذكِّر بالحشر وسَوْق الناس إلى الحساب يوم الدين.

‏ويبقى التساؤل: هل يلزم فدية أم لا؟

من وضع العطر ناسيًا، فقد قال عطاء والثوريّ والشافعيّ وغيرهم بأن من أصاب في إحرامه طيبًا ناسيًا أو جاهلًا فلا كفارة عليه ولا فدية، وإنما يجب عليه المبادرة إلى إزالتِه متى عَلِمَ، لقوله تعالى: (وليس عليكم جناحٌ فيما أخطأتم به ولكن ما تعمَّدَت قلوبُكم) ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: “رُفع عن أمتي الخطأُ والنسيانُ”.

وفي ‏ مذهب الإمام مالك أن الفدية لا تجب إلا إذا طال استعماله للطيب وظلَّ أثره عليه مدة طويلة، لكن إذا تدارك في الحال فلا شيء عليه.

وأيًّا ما كان فإن الفدية عند القائلين بها هي على التخيير بين ذبح شاة أو صوم ثلاثة أيام ولو متفرِّقات أو التصدق على ستة مساكين، لكل مسكين قدحٌ من غالب قوت البلد، أو قيمة ذلك، يَفعل من هذه الأشياء ما يراه مناسبًا.