يقول الدكتور أحمد الشرباصي-رحمه الله-الأستاذ بجامعة الأزهر :
الحجّ فريضة من فرائض الإسلام، ويكون فرضًا مرّة واحدة في العمر كله مهما طال. وذلك لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ” يا أيُّها الناس قد فُرض عليكم الحجَّ فحُجُّوا . فقال رجل: أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت ـ صلوات الله وسلامه ـ عليه حتى قالها الرجل ثلاث مرات، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: “لو قلت نَعم، لوجبت، ولما استطعتم”.

ويُشترط لوجوب الحجّ القدرة والاستطاعة، وذلك لقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة آل عمران:( وللهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ( آل عمران:97).

والاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكانًا عاديًّا، سواء أكان ماشيًا أم راكبًا، وسواء أكان ما يركبه مملوكًا أو مستأجرًا، ويُشترط ألا تلحقه مشقّة عظيمة بالسفر، فمن قدر على الوصول مع المشقّة الفادحة لا يكون مستطيعًا، ولا يجب عليه الحج، ولكن لو تكلّفه وتجشَّم المشقة أجزأه ووقع فرضًا. كما أن مَن قَدَر على الحج بأمر غير معتاد، كالطيران ونحوه، لا يُعد مستطيعًا، ولكن لو فعله أجزأه.

ويعتبر أيضًا في الاستطاعة الأمن على نفسه وماله، فمن لم يأمن على نفسه لا يجب عليه الحج، وكذا مَن لم يأمَن على ماله مِن ظالِم لا يجب عليه.

فمن نَوَى الحج وعزم عليه، وشرع فيه، ولكن بعض الظروف حالت بينه وبين ما يريد، ثم مات بعد ذلك، ومثل هذا الشخص يكون قد سقطت عنه فريضة الحج، بل المأمول في فضل الله وكرمه أن يعطيه ثواب من أدى الحج فعلاً؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: ” إنَّما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى “.

والله ـ تبارك وتعالى ـ يقول في سورة النساء: ( ومنْ يهاجِرْ في سَبيل اللهِ يَجِدْ في الأرضِ مراغمًا كثيرًا وسَعة ومَن يخرجْ مِن بَيتِه مهاجرًا إلى اللهِ ورسولِه ثم يُدركْه الموتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وكَانَ اللهُ غَفورًا رَحيمًا ) ( الآية :100).