من رأى هلال رمضان وحده يفضل له الصيام ، لتحقق الرؤية الموجبة للصيام في حقه ، فقد قال الله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) وقال الرسول ﷺ :( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته ) ، ومن رأى الهلال فقد شهد الشهر ، فينبغي له الصيام وإن لم يقبل الإمام شهادته وإخباره بالرؤية، خروجا من الخلاف الذي في المسألة.
كما ينبغي له الصيام لو أخبره واحدٌ عدل ـ صالح ـ برؤية الهلال .
قال الإمام ابن رشد – رحمه الله – : إن صيامه واجب عليه سواء صام الناس أو لم يصوموا ، قال: وحكمه الإجماع إلا عند عطاء فإنه قال: لا يصوم إلا برؤية غيره . [ بداية المجتهد، ج1، ص197]
هذا وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى ـ في فتاويه أن للعلماء في هذه المسألة ثلاثة آراء فقال : “من رأى الهلال وحده هلال الصوم (رمضان)، أو هلال الفطر (شوال) فللعلماء فيه ثلاثة أقوال هي ثلاثة روايات عن أحمد:
الأول: أن عليه أن يصوم وأن يفطر سرّاً ـ أي : يصوم أول رمضان ، ويفطر أول شوال ـ وهو مذهب الشافعي.
الثاني: يصوم ـ أي : أول رمضان ـ ولا يفطر ـ أول شوال ـ إلا مع الناس وهو المشهور من مذهب أحمد، ومالك، وأبي حنيفة.
الثالث: يصوم مع الناس ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال .
ورجح ابن تيمية هذا الرأي محتجًا بقول النبي ﷺ: “صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون، وإضحاكم يوم تُضحون. وقد فسر بعض أهل العلم هذا الحديث بأن الصوم والفطر يكونان مع الجماعة. وكما لا يقف على عرفات وحده بل مع جميع الحجاج المسلمين، فلا يضحي وحده.
شهر رمضان يثبت برؤية الهلال كما في الحديث المعروف: ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً ) ، فمن رآه بنفسه صام ؛ ومن لم يره ولم يخبره به أحد أكمل شعبان ثلاثين يوماً.
فإن أخبره به أحد وصدقه لأنه عدلٌ مأمون ؛ وجب عليه أن يصوم ، لحديثٍ رواه الحاكم وابن حبان وصححاه أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (تراء الناس الهلال فأخبرت رسول الله ـ ﷺ ـ أني رأيته ؛ فصام وأمر الناس بصيامه).
فشهادة الواحد برؤية الهلال- ما دام عدلاً – مقبولة، وبذلك قال الشافعي وأحمد وقال النووي، وهو الأصح.
وإذا رأى الهلال أهل بلد؛ وجب الصوم على كل البلاد التي تشترك معهم في جزء من الليل، كما استقر عليه الرأي حديثاً في مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية السادس المنعقد سنة 1966.