ورد في الصحيح أن حذيفة صلي خلف النبي ـ ﷺ ـ ذات ليلة فسمعه قرأ في الركعة الأولى البقرة، ثم افتتح آل عمران، ثم ركع… رواه مسلم “ج 6 ص 61” قال القاضي عياض: إن ترتيب السور ليس بواجب في الكتابة ولا في الصلاة ولا في الدروس ولا في التلقين والتعليم، وإنه لم يكن من النبي ـ ﷺ ـ في ذلك نَصٌّ، ولا تَحرم مخالفته.
ثم قال: ولاخلاف أنه يجوز للمصلي أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي قرأها في الأولى. وإنما يُكره ذلك في ركعة ، ولمن يتلو في غير الصلاة.
قال: وقد أباحه بعضهم، وتأويل نَهْيِ السلف عن قراءة القرآن منكوسًا على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها، ولا خلاف في أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله تعالى على ما بُنِيَ عليه الآن في المصحف. وهكذا نقلتْهُ الأمَّةُ عن نبيها ـ ﷺ ـ “نيل الأوطار للشوكاني ج 2 ص 237.
وبهذا يُعْلَمُ أن مخالفة ترتيب المصحف في قراءة السور ليست محرمة، بل هي مكروهة فقط، والكراهة مَرْتَبَةٌ أَقَلُّ من الحرمة، بمعنى أنها لا مُؤاخذَةَ عليها.
أما مخالفة الترتيب في قراءة الآيات فلم نرَ حديثًا عن النبي ـ ﷺ ـ فيها، بل الوارد إنما هو عن السلف. وقد جاء في نهاية ابن الأثير ـ مادة نَكَسَ ـ : وفي حديث ابن مسعود قيل له: إن فلانًا يقرأ القرآن منكوسًا.
فقال: ذلك مَنْكُوسُ القلْبِ. قيل: هو أن يبدأ من آخر السورة حتى يقرأها إلى أولها، وقيل: هو أن يبدأ من آخر القرآن فيقرأ السور، ثم يرتفع إلى البقرة.
وقد علمتَ أن الثاني ليس بمحرم، والأول هو المنهي عنه.