في حديث عن النبي ـ ﷺ ـ:” من كان له شعر فليكرمْه ” رواه أبو داود وتشهد له أحاديث أخرى، وصححه بعضهم ، ووجوه الإكرام متعددة، وهو للرجل والمرأة، كل بما يَليق به، كالترجيل والتمشيط والادّهان ومنه تلوينه لإخفاء شيبه.
وقد تكلم العلماء قديمًا في صبغ الشعر باللون الأسود، فمنعه الأكثرون، ولكن أدلتهم منصبّة على الرجال، أو على حالة التدليس كالمرأة العجوز التي تريد أن تظهر شابّة، ليُرغب في زواجها، أما المتزوِّجة التي يعلم ذلك زوجها فلا بأس بصبغ شعرِها بما يَروق لها ويَروق له، بل إن ابن الجوزي أجازه للرجال، وما ورد من النهي عنه فمحمول على الإغراء والتهاون في الطاعة التي ينبغي للشيخ أن يكثر منها استعدادا للقاء ربّه.
قال شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي المتوفَّى سنة 762 هـ وتلميذ ابن تيمية، في كتاب “الآداب الشرعية والمنح المرعية”: مذهب الحنابلة يُسَنُّ تغيير الشيب، وفيه حديث الصحيحين:” إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفِوهم ” ويستحبُّ بحناء وكَتَم، لفعل النبي صلى الله عليه وسلّم كما رواه أحمد وابن ماجه بإسناد ثقات، ولفعل أبي بكر وعمر متفق عليهما.
ويكرهُ بالسّواد نص عليه أحمد قيل له: يكره الخِضاب بالسواد؟ قال:إي والله لقول النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ عن والد أبي بكر:” وجنِّبوه السواد ” رواه مسلم
والسبب ـ كما صرّح به بعضهم ـ أن الشيخ الهَرِم إذا خضَّب شعره بالسّواد يكون مُثْلةً، ورخّص فيه إسحاق بن راهويه للمرأة تتزيّن به لزوجها، ولا يكره للحرب، وعند الشافعية: يستحب خضاب الشّيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة ويحرم بالسواد على الأصح عندهم. انتهى.
ومما ورد في النهي عن الصبغ بالسواد ـ إلى جانب حادثة والد أبي بكرـ :” يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ” رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد.