لا يجوز لمن تزوج من أكثر من واحدة أن يجامع إحداهما أمام الأخرى، لما في ذلك من مفاسد عديدة، وانتهاك حرمات، وكشف عورات، ومن الهدي النبوي في الجماع كتمانه ففي هذا الفعل فضلا عن مخالفة الهدي النبوي ارتكاب المحرمات .
يقول الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي لبحوث والإفتاء :
لا يجوز مجامعة زوجتيك في آن واحد لسببين :
أولا:أن نظر المرأة إلى عورة المرأة ـ وهي هنا ما بين السرة والركبة ـ لا يجوز، لقوله (صلَى الله عليه وسلَم): (ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة…) رواه مسلم والترمذي .
ثانيا:أن رسول (صلَى الله عليه وسلَم) نهى أن يحدث الرجل الناس بما يفعل مع زوجته، كما نهى أن تحدث المرأة الناس بما يحدث بينها وبين زوجها، وقال: (لا تفعلوا، فإن مثل ذلك كمثل شيطان لقي شيطانة فجامعها والناس ينظرون) .
وهذا النهي يتضمن من باب أولى، أن يقع الجماع بحضور الزوجة الثانية، لأنها من الناس، ولم يستثنها الرسول ﷺ في هذا الحديث. بل إن رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم) بالغ في التستّر أثناء الجماع (فكان لا يجامع بحيث يراهما أحد، أو يسمع حسهما) .
وقد نص ابن قدامة:في المغني على أنه (إن رضيتا بأن يجامع واحدة بحيث تراه الأخرى لم يجز، لأن فيه دناءة وسخفاً وسقوط مروءة فلم يبح برضاهما) .
لكن غيره من الفقهاء نصوا على كراهة ذلك، فيما إذا كانت الثانية تسمع فقط ولا ترى عورة الأولى .
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
إن هذا من أغرب ما يكون أن يقتصر فيه على الكراهة ، وهذا تحته أمران :
أحدهما : أن يكون بحيث تُرى عورتاهما : فهذا لا شك أن الاقتصار على الكراهة غلط لوجوب ستر العورة ، فإذا كان بحيث يَرى عورتاهما أحدٌ : فهذا لا شك أنه محرم ، وكلام المؤلف ليس بصحيح إطلاقاً .
والثاني : أن يكون بحيث لا تُرى العورة: فإن الاقتصار على الكراهة أيضاً : فيه نظر، يعني مثلا: لو كان ملتحفاً معها بلحاف، وصار يجامعها فتُرى الحركة، فهذا – في الحقيقة – لا شك أنه إلى التحريم أقرب ؛ لأنه لا يليق بالمسلم أن يتدنى لهذه الحال .
وأيضاً ربما يثير شهوة الناظر ويحصل بذلك مفسدة .
فالصحيح في هذه المسألة : أنه يحرم وطء المرأة بمرأى أحد ، اللهم إلا إذا كان الرائي طفلاً لا يدري فهذا لا بأس به، أما إن كان الطفل يتصور ما يفعل فلا ينبغي أيضا أن يحصل الجماع بمشاهدته ولو كان طفلاً ؛ لأن الطفل قد يتحدث عما رأى من غير قصد.أ.هـ