روى البخاري ومُسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : “إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم” ، وروى مسلم أيضًا أنه قال : “لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام” .

قال الإمام ابن القيم: اختلف السلف والخلف في ذلك، فقال أكثرهم: لا يُبدءون… … أي لا يُلقى عليهم السلام ابتداء، وذهب آخرون إلى جواز ابتدائه وجواز الرد عليهم، وروي ذلك عن ابن عباس وأبي أُمامة وغيرهما، وهو وجه في مذهب الشافعي ، على أن يكون لفظ “السلام عليكم” بدون ذكر الرحمة وبلفظ الإفراد، وقالت طائفة: يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه أو خوف من أذاه ، أو لسبب يقتضي ذلك .

وجاء في “الأذكار” للنووي مثل هذا، ثم نُقِلَ عن أبي سعد أنه لو أراد أن يُحييَّ ذِميًّا ، حيَّاه بغير السلام ، بأن يقول : هداك الله ، أو أنعم الله صباحك ، ثم قال النووي : هذا الذي قاله أبو سعد لا بأس به إذا احتاج إليه فيقول: صُبحت بالخير أو بالسعادة أو بالعافية ، أو صبحك الله بالسرور أو بالسعادة والنعمة أو بالمسرة أو ما أشبه ذلك ، وأما إذا لم يحتج إليه فالاختيار ألا يقول شيئًا .

وما دام الأمر خلافيًّا في ابتدائهم بالسلام والرد عليهم فليكن ذلك مرهونًا بالظروف التي تحقق مصلحة أو تدفع مَضرة، ودين الله يُسْر، وكَمَا هو مَعْرُوف : إذا وُجِدَتْ المصلحةُ فَثَمَّ شرعُ الله . ولو أن حديث النهي عن تحيتهم كان قاطعًا وعامًا ما حدث خلاف بين العلماء على النحو الذي ذكره ابن القيم وذكره النووي .