يقول الدكتور محمد بن سعود العصيمي مدير الرقابة الشرعية بشركة الراجحي المصرفية للاستثمار:-
أعمال البورصة لا شك أنها تحتوي على المباح والمحرم. ومن المحرمات- وهو أشدها- تداول السندات الربوية، وتداول الأدوات المالية المحرمة الأخرى، مثل بيوع المستقبليات والمشتقات وغيرها، مما هو معروف ومنشور في قرارات مجمع الفقه الإسلامي. وسواء كان الموظف سمسارًا أم وسيطًا أو مقيدًا للمعلومات في الحاسب، أم مسوقًا لتلك المحرمات، فكل ذلك لا يجوز.
ومن المباحات العمل في الأسهم المباحة لشركات لا تقترض ولا تودع بالربا.
أما الأعمال التي ليست من طبيعتها أن تكون ذات صلة بالأدوات المالية، فهذه حسب العمل وطبيعته، ويصعب الإجابة عنها جوابًا عامًّا.
أما من حيث الأشخاص، فإني أوصي الأشخاص الأقوياء في الدين والعلم ومعرفة واقع العمل الانضمام حتى لو وُجد شيءٌ مخالفٌ وذلك للإصلاح في المجال قدر الطاقة. ولو تبين له بعد مدة كافية من العمل أنه لا يستطيع التغيير، فله أن يبحث عن عمل آخر. أما من لا يأنس من نفسه الكفاءة، ويخشى على نفسه الفتنة فلا أرى أن ينضم لهذا العمل.
وإني أوصي المسلم في حال الانضمام بالنية الصالحة، والتسلح بالعلم الشرعي، وعرض ما يشكل عليه على المشايخ الثقات، ومناصحة من حوله من الموظفين، فالتحديات كبيرة في الجوانب الاقتصادية، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. .انتهى.
فلو استطاع المسلم أن يكون عمله بعيدا عن السندات، وأن يقتصر على الأسهم المباحة بالضوابط الآتية فسيكون العمل مباحا – إن شاء الله-
وخلاصة هذه الضوابط أن تكون الأسهم مملوكة لشركة ملتزمة بشرع الله عز وجل فلا تأتي ما حرم الله في تعاملاتها، فمثل هذه الشركات لا بأس بالتعامل معها سواء أكنت موظفا أو وسيطا بشرط أن يكون أكثر من خمسين بالمائة من موجودات الشركة أصولا ومنافع لا أموالا سائلة ، لأن الأموال السائلة تحتاج في تداولها إلى شروط يصعب تطبيقها في عالم البورصة ، ومرجع هذه الشروط إلى التسليم والتسلم يدا بيد كما هو الحال في تغيير العملات، وبيع بعضها ببعض كما قرر المجمع الفقهي .
أما الشركات التي تتعامل معاملات محرمة فلا يجوز التسويق لأسهمها، ولا التوسط في بيع أسهمها ، ولا تقييد حسابات أسهمها، وذلك مثل شركات التأمين والبنوك ، وشركات الخمور والدخان ، وشركات الإنتاج الفني على الوضع الذي هي عليه الآن .
أما الشركات التي أصل نشاطها حلال لكنها تتعامل بالربا إقراضا واقتراضا، فتودع بعض فائض أموالها في البنوك ، وتقترض من البنوك وقت الحاجة فقد أجاز بعض العلماء التعامل معها بشروط يصعب تحقيقها، وجمهور الفقهاء على منع التعامل معها . والمجمعان الفقهيان على حظر التعامل معها.
وما يتقاضاه الموظف من نسبة ثابتة أو عمولة عن كل صفقة يتم تحريكها بيعا وشراء أمر جائز بشرط انضباط أسهم الزبون بالضوابط المشار إليها أعلاه.
وهذه بعض قرارات المجمع الفقهي الإسلامي حول الصور الحلال والحرام في البورصة :-
1- لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشأن البورصة ، بل يجب بيان حكم المعاملات التي تجري فيها ، كل واحدة منها على حدة .
2- العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع التي يجري فيها القبض – فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرعا – هي عقود جائزة ما لم تكن عقودا على محرم شرعا ، أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السلم ، ثم لا يجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه .
3- العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات حيث تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرعا ، ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرم شرعا .
4- العقود العاجلة والآجلة على سندات القروض بفائدة ، بمختلف أنواعها غير جائزة شرعا ، لأنها معاملات تجري بالربا المحرم .
5- العقود الآجلة بأنواعها ، التي تجري على المكشوف ، أي على الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع بالكيفية التي تجري في السوق المالية ( البورصة ) غير جائزة شرعا ؛ لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك ، اعتمادا على أنه سيشتريه فيما بعد ، ويسلمه في الموعد . وهذا منهي عنه شرعالما صح عن رسول الله ﷺ أنه قال : ( لا تبع ما ليس عندك ) .
6- ليست العقود الآجلة في السوق المالية ( البورصة ) من قبيل بيع السلم الجائز في الشريعة الإسلامية ، وذلك للفرق بينهما من وجهين :-
أولهما : – في البورصة لا يدفع الثمن في العقود الآجلة في مجلس العقد ، وإنما يؤجل دفع الثمن إلى موعد التصفية ، بينما الثمن في بيع السلم يجب أن يدفع في مجلس العقد .
ثانيهما :- في البورصة تباع السلعة المتعاقد عليها وهي في ذمة البائع الأول – وقبل أن يحوزها المشتري الأول –عدة بيوعات ، وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين ، مخاطرة منهم على الكسب والربح ، كالمقامرة سواء بسواء، بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه .