لا يجوز لصاحب العمل منع أحد من العمال من أداء فرضِ الله تعالى، سواء أكان صلاة أم غيرها، ما دام أداء الفريضة ممكنًا في وقت العمل وغير ضارٍّ به.
فإذا جاء وقت الظهر مثلاً، ووقته معروف يمتدُّ حوالي ثلاثِ ساعاتٍ إلى العصر في فصل الصيف، فصلاة الظهر تقع أداء في أي وقت من هذه الساعات كما بيّنه النبي ـ ﷺ ـ للأمة من واقع بيان جبريل له، وإن كانت المبادَرة بأدائها في أول الوقت أفضل للحديث الوارد في ذلك. فإذا أمكن للعامل أن يصلِّيَ الظهر في وقتها حاضرًا قبل العصر، سواء أكان في أثناء العمل أو بعد الانصراف منه وليس في ذلك ضرر للعمل لم يجُز لصاحب العمل أن يمنعَه من الصلاة. أما إذا كان أداء العامل للصلاة يضرُّ بالعمل فلابد من إذن صاحب العمل، فإن أذن فبها ونِعْمتْ، وإن لم يأذَن جازَ للعامل تأخير صلاة الظُّهر حتّى يصلِّيها مع العصر عند الانصراف من العمل. وذلك على مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
ومثل ذلك إذا كان صاحب العمل متشدِّدًا وهدّد العامل بالفصل أو بخصم جزء من أجره يتضرّر منه إذا ذهب إلى الصلاة جاز جمع الصّلاتين جمع تأخير.
ولنا رجاء حتى تكون العَلاقة طيِّبة بين صاحب العمل والعاملين أن يقتصر العاملون على أداء الصلاة في أقل وقت، وألا ينتهزوا فرصة ترك العمل للصلاة لقَضاء بعض مصالحهم أو تضييع بعض الوقت في راحة أو تناول طعام أو شراب مثلاً، فإن الوقت ثمين، وصاحب العمل يعطيهم الأجر على كل الوقت المخصّص للعمل ـ ومن حقِّه أن يستوفِيَ منهم العمل كاملاً في كل الوقت لكنه ـ إن كان طيِّبًا ـ يسمح ببعض الوقت للصلاة فلا يجوز أن يكون هناك ضَرر لأحد الطرفين والتفاهُم ورقابة الضمير والإحساس بحاجة الوطن والأمّة للعمل وزيادة الإنتاج ـ كل ذلك يساعد على تعاون الطّرفين على الخير المشترك.
وصاحب العمل إذا علم أن أداء الصلاة ومثلها طاعة لله تُساعد على إخلاص العامل في عمله وعلى إتقانه وإجادته سيسمح بسخاء نفس ببعض الوقت لأداءِ الصلاة وبالتالي ينبغِي أن يشكر العامل صاحب العمل على ذلك ويرد له المعروف زيادة في الإخلاص في العمل، واستغلال كل الوقت للإنتاج المثمر الذي ينتفع به الجميع.