سئل أنس ـ رضي الله عنه ـ، هل كان النبي ـ ﷺ ـ يصلِّي في نعلَيْه؟ قال: نَعَم. رواه البخاري. قال ابن حجر في فتح الباري: قال ابن بطَّال: إنه محْمول على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة، وهي من الرُّخَص لا من المستحبَّات؛ لأن ذلك لا يدْخل في المَعنى المطلوب من الصلاة، وهو وإن كان من ملابس الزِّينة ـ يَقصد ما جاء في قوله تعالى (يا بني آدم خُذوا زِينَتَكُم عندَ كُلِّ مَسْجِد) ـ إلا أن مُلامسة الأرض التي تَكْثر فيها النجاسات قد تقْصر عن هذه الرُّتبة، وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التَّحْسين ومراعاة إزالة النجاسة قُدمت الثانية؛ لأنها من باب دفع المفاسد، والأخرى من باب جلْب المصالح وقال: إلا أن يَرد دليل بإلحاقه بما يُتجمَّل به فيُرجع إليه ويُترك هذا النظر.
قال ابن حَجَر بعد إيراده كلام ابن بطَّال: قد روى أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوس: “خَالِفوا اليهود فإنَّهم لا يُصلُّون في نِعالِهم ولا خِفَافِهم” فيكون استحباب ذلك من جهة قصد المخالفة المذكورة وورَد في كون الصلاة في النِّعال من الزِّينة المأمور بأخْذها في الآية حديث ضعيف جدًا، أورده ابن عدي في الكامل وابن مِرْدَوَيْه في تفسيره من حديث أبي هريرة، والعُقَيْلي من حديث أنس “فتح الباري ج2 ص 41”.
ومن هذا أن الصلاة في النِّعال لا تجوز إذا كانت متنجِّسة، أما إذا كانت طاهرة فلا مانع من الصلاة فيها، وأرجِّح جانب الرُّخصة وليس الاستحباب من جهة التقرُّب بالعبادة، فلم يصحَّ فيه دليل، وأنصَح إذا كان المسجد مفروشًا بفراش نظيف أن نُصونه عن التلوث حتى لو كان بالشيء الطاهر، ومراعاة الذَّوق والعرْف الذي فيه خير مما يؤيده الدِّين، هذا والصلاة في النِّعال غير الصلاة في الخُف الممسوح عليه، فذلك مشروع بشروطه ومنها الطهارة.