ذكر ابن كثير أن من السُّنّة التجمُّل عند الصّلاة ولا سيِّما يوم الجمعة، ومنه الطِّيب والثّياب البيض، وأوردَ فيها حديثًا بإسناد حسن رواه أهل السنن، وكان بعض السلف إذا توجه إلى المسجد أخذ كل أدوات الزّينة تنفيذًا لأمر الله تعالى. ورأى جماعة أن زينة الصلاة هي النِّعال؛ لأن النبيّ ـ ﷺ ـ قال ذات يوم “خُذوا زينة الصّلاة” فسألوه: وما زينة الصلاة؟ قال “البِسوا نِعالَكم فصَلُّوا فيها” قال القرطبي : رواه أنس عن النبي ـ ﷺ ـ ولم يصح “ج 7 ص 189، 190” وذكر ابن كثير أن تفسير الزينة بالنِّعال فيه نظر في صحّته عن النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ.
سبب نزول قوله تعالى يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد:
يقول الله سبحانه تعالى: (يا بَنِي آدمَ خُذوا زِينتكُمْ عندَ كُلِّ مَسجِدٍ) (سورة الأعراف : 31).
جاء في سب نزول هذه الآية ما رواه مسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عُريانة وتقول: من يُعيرني تَطوافًا؟ تجعلُه على فرجِها، تقول.
اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أوْ كُلُّه
وما بَدَا مِنْهُ فلا أُحِلُّهُ
فنزلت هذه الآية: (خُذوا زِينتكُمْ عندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) وقال القاضي عياض: هذه المرأة هي ضباعة بنت عامر بن قرظ، وفي صحيح مسلم أيضا: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحُمْس: قريش وما ولدت، كانوا يطوفون بالبيت عُراة إلا أن تعطيَهم الحُمس ثيابًا، فيعطي الرّجالُ الرِّجالَ، والنّساءُ النساءَ، وكان الحُمس يخرجون من المزدلَفة، وكان الناس كلُّهم يقِفون بعرفات.
وفي غير مسلم: ويقولون: نحن أهل الحَرَم، فلا ينبغي لأحد من العرب أن يَطوف إلا في ثيابنا، ولا يأكل إذا دخل أرضنا إلا من طعامنا، فمَن لم يكن له من العرب صَديق بمكّة يُعيره ثوبًا، ولا يسارٌ يستأجِره به كان بين أحد أمرين: إمّا أن يطوف بالبيت عُريان، وإما أن يطوف في ثيابِه، فإذا فرَغ من طوافه ألقى ثوبه عنه فلم يمسّه أحد، وكان ذلك الثوب يُسمَّى اللَّقَى ، قال قائل من العرب:
كَفَى حُزْنا كَدِّي عليه كأنّه لَقًى بينَ أيدي الطّائفين حَريمُ
فكانوا على تلك الجَهالة والبِدعة والضّلالة حتى بعث الله نبيَّه محمّدًا ـ صلّى الله عليه وسلم ـ فأنزل الله تعالى: (يا بَنِي آدمَ خُذوا زِينتَكُم عندَ كلِّ مَسجِد) الآية. وأذَّن مؤذِّن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ ألاَّ يطوفَ بالبيت عريان.
ومعنى هذا أن الطواف بالمسجد الحرام لابد فيه من أخذ الزِّينة، وهي سترة العورة، لكن الآية لا تتحدّث عن المسجد الحرام الذي لا يصحّ الطواف إلا فيه، بل قالت “كل مسجد” ولهذا قال بعض المُفسّرين: المراد إذا ذَهبتم للصّلاة في أي مَسجِد فخُذوا زِينتَكُم.
ويصحُّ أن يُرادَ بالزينة سترُ العَورة في الصّلاة، وكانوا لا يهتمُّون بها، فقد صح في البخاري والنسائي عن عمرو بن سلمة قال: لما رجَع قومي من عند النبي ـ ﷺ ـ قالوا: قال : “ليؤمّكم أكثرُكم قراءة للقرآن” قال: فدَعَوْني فعلَّموني الرّكوعَ والسجود، فكنتُ أصلِّي بهم ـ وكان صَبِيًا ـ وكانت عليَّ بُردة مفتوقة ـ ثوب مشقوق ـ وكانوا يقولون لأبي : ألا تُغطي عنا استَ ابنك ـ ألا تُغطّي عورته ـ هذا لفظ النسائي.
وثبت عن سهل بن سعد قال: لقد كان الرجال عاقدي أزُرهم في أعناقِهم من ضيق الأزُر، خلف رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ في الصلاة كأمثال الصِّبيان، فقال قائل: يا معشَر النِّساء لا تَرفعن رؤوسكن حتى ترفع الرّجال. أخرجه البخاري والنسائي وأبو داود.
هل تجوز الصلاة بالمكياج:
إنّ من زينة المرأةِ ما تستعمِلُه من أصباغ ودُهون وعُطور، فهل يجوز لها أن تصلّي بها؟
نعم يجوز ما دامت صلاتُها في بيتِها أو في مكان ليس فيه رجال أجانب.
بشرط أن يكون “المِكياج” بعد الوضوء أو الغُسل.
أمّا قبل ذلك فلابدّ من إزالته حتّى يصحّ التطهُّر ولا يجوز بعد الصّلاة أيضًا أن تظهر للأجانِب بهذه الزّينة حتى لا يَضيعَ ثوابُ الصّلاة أو يَقِلّ.