إذا كان تحديد هيئة الزي أو الثياب من الأمور التي لم يرد فيها نص في القرآن والسنة، بل لم تعرض نصوصها لهذا التحديد، لأنه من الأمور التي تختلف فيها الأحكام، باختلاف العصور والأعراف ، كان هذا من الأمور المنوطة بولي الأمر، وكان التحديد للناس جميعًا أو لفئة معينة من الأمور الجائزة.
ولقد جرت عادة المسلمين وعرفهم، بل وعرف وعادة الناس جميعًا على تحديد زي لرجال الجيش والشرطة وتحريمه على غيرهم، إذ المقصود بهذا ألا يندس في مزاولة المهام المنوطة بهم من ليس منهم، وليكونوا معروفين لعامة الناس وخاصتهم، لأن الشريعة - كما قال ابن القيم ( أعلام الموقعين ج - 3 ص 14 - 22 ) - مبناها وأساسها على الحكم والمصالح، فهي عدل كلها ورحمة ومصالح وحكم .
هل يجوز تحديد زي للمدارس والجامعات؟
إذا كانت هيئة الزي وما يلبسه الطلاب والطالبات من المباحات التي تخضع للعرف والعادة، ولا دخل للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة في تحديد رسمها وهيئتها؛ كان لأولي الأمر في الجامعات والمدارس بمقتضى ما تقدم من القواعد الشرعية - أن يلزموا الطلبة والطالبات بالزي الذي يرونه مناسبًا، بحيث لا يكشف عورة ولا ينبىء عنها، ويمتنع على هؤلاء مخالفة ما يراه أولياء الأمر في الجامعة أو المدرسة، باعتباره أمرًا تنظيميًا من صاحب الاختصاص المنوط به رعاية المصلحة شرعًا،
وباعتبار أن ما يأمرون به لم يمنعه نص شرعي، بل أوجب القرآن طاعة أولي الأمر مادام ما يأمرون به لا يدخل في دائرة المعاصي، بمعنى أنهم لم يأمروا بفعل ما حرم الله، ولم ينهوا عن فعل ما ألزم الله به الناس، وما عدا هذا فيجوز أن يضع له ولي الأمر من الأنظمة ما يرى فيه مصلحة للناس ولكيان .
هل يجوز منع الجلباب لطالبات الجامعة؟
على الجامعة أن تلزم الطالبات بارتداء الزي السابغ السائر لجميع الجسد من الرأس إلى القدم فيما عدا الوجه والكفين دون أن يشف عما تحته أو يحدد تفاصيل الجسد، وأن تلزم الطلاب بالزي الذي استقر العرف في المجتمع على ارتدائه في الجامعات أو الزي الذي تراه مناسبًا، ولا يجوز للطلاب الخروج على تنظيمات الجامعة فيما تفرضه من زي في النطاق المشروع، فإذا كان الجلباب ليس زي الجامعات عرفًا، فلا يجوز للطلاب ارتداؤها داخل الجامعة وكان عليها أن تلزمهم بذلك ، باعتبار أن القائمين على الأمر فيها هم من أولياء الأمور في نطاقهم يعملون للمصلحة المنوطة بهم، ماداموا لم يأمروا بمعصية امتثالا للقرآن الكريم،
ولحديث الرسول عليه الصلاة والسلام، ففي الصحيحين أن النبي بالغ في الترغيب في طاعة الأمراء فقال :(من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني) وروى البخاري عن أنس أن رسول الله ﷺ قال :(اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله) .