يقول الشيخ محمود عاشور :
إن الحلف على المصحف يمين بالله تعالى: قال صاحب مجمع الأنهر وفي الفتح: ” ولا يخفى أن الحلف على المصحف الآن متعارف فيكون يمينا” وقال العيني ” لو حلف بالمصحف أو وضع يده عليه وقال: وحق هذا. فهو يمين ولا سيما في هذا الزمان الذي كثر فيه الحلف بالمصحف.
وهذا من باب الحلف الشرعي لأنه حلف بكلام الله تعالى وهو صفة من صفاته فلا يعتبر حلفا بغير الله. وقد جاء في الفتح ـ فتح القدير، من كتب الحنفية ـ من كتاب الأيمان في تعدد الأيمان ووحدتها: لو قال والله لا أفعل كذا ثم أعاده بعينه فكفارتان، وكذا لو قال لامرأته والله لا أقربك والله لا أقربك فقربها مرة لزمه كفارتان. روى ذلك عن أبى يوسف سواء كان في مجلس أو مجالس.
وروى: إذا أراد بالثاني تكرار الأول أو التأكيد صدق ديانة، وعن أبى حنيفة: إذا حلف بأيمان فعليه لكل يمين كفارة والمجلس والمجالس فيه سواء وما في الأصل من أنه إذا قال هو يهودي هو نصراني إن فعل كذا. فهي يمين واحدة. ولو قال هو يهودي إن فعل كذا وهو نصراني إن فعل كذا فيمينان يفيدان تعدد اليمين، فهو منوط بتكرار المحلوف عليه مع تكرار الالتزام .
فلو حلف شخص مثلا بقوله ” أقسم بهذا المصحف الشريف ألا أتزوج بنت عمي إلى الأبد والنهاية مهما كانت الظروف والأسباب، وأنه كرر هذا القسم عدة مرات. وتطبيقا لما ورد عن الفقهاء فإن هذا الحلف يعتبر يمينا شرعا، وهى يمين منعقد، وإذا حنث الشخص وتزوج بنت عمه فإنه تجب عليه كفارات متعددة بعدد مرات الحلف، وإذا كان أراد بالتكرار التأكيد ومجرد الإعادة يصدق ديانة وفيما بينه وبين الله تعالى، وتجب حينئذ بالحنث كفارة واحدة.
وكفارة اليمين هي المنصوص عليها في قوله تعالى: “لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم” وقال عليه الصلاة والسلام: “من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه” والطعام ما أشبع البطن والكسوة ما تستر البدن عرفا .