إن ركني الصيام النية والإمساك: أن يمسك الصائم عن الطعام والشراب والشهوة. فمن جامع في نهار رمضان متعمداً ذاكر الصيام غير ناس فقد انتهك حرمة الشهر الفضيل وأتى إثماً مبيناً. فقد روى البخاري ومسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: “هلكت يا رسول الله. قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان….الحديث” . وفي رواية “هلكت وأهلكت”. فالوطء من الصائم في نهار رمضان من الفواحش الكبار المهلكات، حيث أقره النبي ﷺ على أن فعله هذا مهلك. فمن فعل ذلك فإنه مع إثمه الكبير المهلك عليه القضاء والكفارة المغلظة وهي صيام شهرين متتابعين إن لم يجد الرقبة فإن عجز عن الصيام فإطعام ستين مسكيناً.
هل تجب كفارة الجماع نهار رمضان على الزوجة أيضا
ذهب الجمهور إلى وجوب الكفارة عليها، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد. وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى أنه لا كفارة عليها. والأظهر والعلم عند الله جل وعلا أنه لا كفارة عليها، وإنما عليها القضاء فقط لأن صومها قد فسد بالجماع. والدليل على ذلك ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله ! هلكت، قال ما لك؟ قال وقعت على امراتي وأنا صائم فقال ﷺ هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال: لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، فقال فهل تجد إطعام ستين مسكينا قال لا، فمكث النبي ﷺ قال فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه بعرق فيه تمر ـ والعرق المكتل ـ فقال: أين السائل؟ فقال: أنا، فقال: خذه فتصدق به.
ووجه الدلالة في هذا الحديث أنه ﷺ لم يأمره بأن يأمر زوجته بإخراج الكفارة أيضا، ومن المعلوم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فدل على أنه لا كفارة عليها.
ما هي كفارة من جامع زوجته في نهار رمضان
الذي يطأ زوجته في رمضان، عليه التوبة إلى الله تعالى، وعليه الكفارة، والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً، كل صاع بين اثنين، هذا هو الواجب على من أتى زوجته في رمضان، وإن عجز عن الصيام والإطعام سقط عنه ذلك لفقره وشدة حاجته، وما دام يستطيع فإنه يكفر بواحدة من هذه الثلاث:
1- عتق رقبة مؤمنة يعتقها إن قدر.
2-فإن عجز صام شهرين متتابعين.
3-فإن عجز عن ذلك أطعم ستين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع من تمر من رز، من حنطة يعني: من قوت البلد، ثلاثين صاعاً بين ستين فقيراً، كل فقير له نصف الصاع، وهو يقارب: كيلو ونصف تقريباً نصف الصاع، ولو كان فقيراً لا يستطيع بالكلية، فإنه لا شيء عليه إن شاء الله، لما جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه أفتى من سأله عن ذلك بما ذكر، فلما قال الفقير: إنه ليس في المدينة أهل بيت أحوج إلى الطعام مني، قال: أطعمه أهلك، وكان طعاماً أهدي للنبي ﷺ فسلمه له عليه الصلاة والسلام ليتصدق به، فقال الرجل: يا رسول الله! ليس بين لابتي المدينة أهل بيت أحوج إلى الطعام منا، فضحك عليه الصلاة والسلام، وقال: أطعمه أهلك اللهم صل عليه وسلم.