التهنئة بالعام الهجري الجديد من المباحات، وأفضل ما يقال في شأنها: أن من هنأك ترد عليه بكلام طيب من جنس كلامه، ولا تبدأ أحداً بها. وهذا بعينه ما روي عن أحمد في التهنئة بالعيد، أنه من هنأه ردَّ عليه، وإلا لم يبتدئه، ولا أعلم في التهنئة بالعيد شيئاً يثبت، وقد قال أصحابنا من الحنابلة: لا بأس بقوله لغيره: تقبَّل الله منا ومنك .
فلا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضاً بما هو مستفيض بينهم، وقد يستدل لهذا من حيث العموم بمشروعية سجود الشكر، ومشروعية التعزية، وتبشير النبي -ﷺ- بقدوم رمضان. انظر ما رواه النسائي (2106) ، وتهنئة طلحة بن عبيد الله لكعب بن مالك، وبحضرة النبي – ﷺ – ولم ينكر عليه. انظر ما رواه البخاري (4418)، ومسلم (2769 ).
قال ابن تيمية -رحمه الله -:قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخَّص فيه الأئمة كأحمد وغيره. وذكر الحافظ ابن حجر مشروعيته، وثمة آثار عديدة في مثل ذلك. قال أحمد: لا أبتدئ به، فإن ابتدأني أحد أجبته. وذلك لأن جواب التحية واجب؛ لقوله تعالى: “وإذا حييتم بتحية فحيُّوا بأحسن منها أو ردُّوها” الآية، (النساء: 86)، ولم يرد في مثل ذلك نهي، والله -تعالى- أعلم، ولا يدخل مثل هذا في باب البدع؛ لأنه من محاسن العادات، وطيب الأخلاق، ولا يقصد به محض التعبد. هذا ما يظهر لي .