إذَا كَان الإنسان يُصلِّي إمامًا أو منفردًا كان من السنة ألا يَضم قدميه عند القيام في الصلاة، بل يُفرِّج بينهما، وذلك باتفاق الأئمة، أما المَسافة بين القدمين فقدَّرها الحنفية بأربع أصابع، فإن زاد أو نقص كان مكروهًا، وقدَّرها الشافعية بشبر، وقال المالكية والحنابلة يكون التفريج متوسطًا، بحيث لا يضم القدمين ولا يوسعهما كثيرَا حتى يتفاحش عرفًا.

وإذا كان المصلي مأمومًا في صف فمن السنة سدُّ الفُرَج وتراصُّ الصفوف، وجاء في ذلك حديث رواه البخاري ومسلم عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بوجهه فقال: ” أقيموا صفوفكم وتراصُّوا، فإني أراكم من وراء ظهْري”، وجاء في رواية البخاري: فكان أحدنا يُلْزِقُ مِنْكَبَه بمِنْكب صاحبه وقَدَمَه بِقَدَمِه. وجاء في رِوَاية أبي داود وابن خُزَيمة في صحيحه عن النعمان بن بشير قوله: فلقدْ رأيت الرجل منا يُلْزِقُ مِنْكَبَه بمِنْكَب صاحبه، وكعبَه بكعبِه.

والكعب هو العَظْم الناتئ في جانِبَي الرجْل عند ملتقى الساق بالقدم؛ لأنَّه هو الذي يُمكن أن يلزق بالذي بجنبه، والقول بأن الكعب هو مؤخر القدم قول شاذ يُنسب إلى بعض الحنفية ولم يُثْبِتْه محقِّقُوهم، كما جاء في الفتح لابن حجر” ج3 ص147 “.
وإلْزاق أو لزْق المناكب يتْبعه بسهولة إلْزاق الكعوب، لكن لو تباعدَت المَنَاكِب اقتضى إلْزاق الكُعوب التفريج بين الأقدام بمسافة كبيرة تتفاحش عُرفًا، كما يقول المالكية والحنابلة، وتزيد على الشبر، كما يقول الشافعية وعلى الأصابع الأربعة، كما يقول الحنفية، وذلك مكروه.

وقد يحرص بعض الأشخاص على إلزاق الكعوب، على الرغم من تفاحش المسافة بين قدميه، فهو يُريد فعل سنَّة فيقع في مكروه، إلى جانب مُضايقته لمَن بجواره الذي حاول ضمَّ قدميه لكنه يُلاحقه ويُفَرج بين قدمَيْه بصورة لافتة للنظر، وقد يضع رجله ويضغط عليها ومضايقة المصلِّي تُذهب خشوعه أو تقلِّله، والإسلام نهى عن الضرر والضرار.

وتضرُّر بعض المصلِّين من إلزاق جاره رجْله برجْله ذَكَرَه أحد رواة الحديث، وهو معمر فيما أخرجه الإسماعيلي، حيث قال: ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنَفَرٍ كأنه بَغْلٌ شَمُوسٌ. فأرجو التنبُّه لذلك، إبقاءً على المودَّة ومساعدةً على الخشوع في الصلاة.