أعمال البورصة متعددة، ومتشابكة؛ لذلك لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام يشمل جميع هذه المعاملات؛ فإن كل معاملة لها حكمها الخاص، والقول الجامع الذي يصلح أن يكون ضابطا في هذه المعاملات هو أن السندات بأنواعها لا يجوز التعامل فيها لا بيعا، ولا شراء، ولا سمسرة.
أما الأسهم فلا مانع من تداولها بشرط صدورها عن شركات معروفة، وتكون أنشطتها حلالا لا شبهة فيها كشركات إنتاج الحديد والصلب ومواد البناء،كما يشترط أن لا تتعامل هذه الشركات بالربا إقراضا، أو اقتراضا.
أما أسهم البنوك الربوية، وشركات الخمور، والإنتاج السينيمائي على الوضع الذي هي عليه فلا يجوز تداولها.
أما أسهم الشركات التي تمارس أنشطة مباحة إلا أنها ربما أقرضت ، أو اقترضت بالربا، فالأصل أن شراء أسهمها حرام.
وذهب بعض العلماء إلى جواز التعامل مع هذه الشركات بالشروط التالية:-
– أن لا تزيد نسبة ديون الشركة و قروضها عن طريق الفوائد عن30%.
– أن لا تزيد نسبة الفوائد عن 5% أو 10%. على الأكثر.
– أن يتم مراقبة هذه الشركات بدقة و التخلص من نسبة الفوائد فيها، أو أن يقوم الشخص نفسه بتطهير ماله من نسبة الربا الذي دخل في الربح.
يقول الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم- مدير مركز البحث والتطوير بالمجموعة الشرعية بشركة الراجحي المصرفية للاستثمار- :-
شراء وبيع أسهم الشركات يتوقف حكمه على أمرين:
(1) طبيعة الشركة ونشاطها وتعاملاتها.
(2) نوع العقد المبرم على السهم.
فالشركات التي تعمل في مجالات مشروعة ولا تتعامل بالربا أو غيره من التعاملات المحرمة، شراء أسهمها وبيعها جائز.
أما إذا كانت الشركة تعمل في مجال محرم، مثل إصدار الأفلام الماجنة والأغاني المحرمة، أو إنتاج أو تسويق مواد محرمة كالخمور والخنزير والميتة ونحوها، أو تعمل في مجال التأمين التجاري أو القمار، أو الربا مثل البنوك، فيحرم شراء أسهم هذه الشركات.
أما إذا كان نشاط الشركة مشروعاً لكنها تتعامل بالربا لغرض التمويل فحسب، فهذا مما فصل فيه الفقهاء المعاصرون، نظراً لعموم البلوى بالربا اليوم، مع حاجة الناس لقنوات استثمارية لتنمية أموالهم. واجتهدوا في تحديد نسبة معينة من أصول الشركة يتسامح في أن تكون ممولة بالربا، وهي الثلث، بحيث تكون المديونية الربوية لا تتجاوز ثلث أصول الشركة. وهذا محض اجتهاد مبني على المصلحة، وإلا فإن الربا قليله وكثيره محرم بالنص والإجماع.
وأخذاً بهذا الاجتهاد فلا بأس من التعامل بأسهم شركات نشاطها مشروع، على ألا تتجاوز مديونيتها الربوية ثلث أصولها، وفق أحدث قوائم الميزانية الصادرة عنها. وفي هذه الحالة يجب على المستثمر إخراج ما يقابل هذه المديونية الربوية من الأرباح. فإذا كانت المديونية تعادل ثلث الأصول، فيجب إخراج ثلث الأرباح الموزعة تبعاً لذلك.
وإذا كان نشاط الشركة اختلط فيه الحلال بالحرام، بحيث إنها تسوق أو تنتج منتجات محرمة ومشروعة، فالعبرة بالغالب. وفي تحديد نسبة الغالب أيضاً اجتهاد بألا يتجاوز الإيراد المحرم نسبة معينة من إجمالي الإيرادات، يقدره البعض بـ 5% إلى 10%. وهذا كالذي سبقه، محض اجتهاد، وإلا فإن ثمن المحرم محرم قل أو كثر. وأخذاً بهذا الاجتهاد يجب إخراج ما يقابل هذه النسبة من الأرباح الموزعة.
أما من حيث نوع العقد المبرم، فالمشروع هو البيع والشراء، أما الخيارات (options) أو المستقبليات (futures) فهي ممنوعة، لأنها من القمار المحرم شرعاً.