معاجين الأسنان ، ومرطبات الشفاة والأدوية  لا بأس باستخدامها حتى لو دخل في تركيبها بعض مكونات الكحول أو مخلفات الخنزير ، أومخلفات ودهون ما يذبح على غير الطريقة الإسلامية ، والسبب في ذلك أن هذه المواد لا تدخل في هذه المستحضرات إلا بعد استحالتها ، أي تغيرها من مادتها النجسة إلى مواد أخرى طاهرة ، على أن عددا من المحققين رأى أن الكحول ليس نجسا ، ولكنه حرام إذا اتخذ للشرب ، ويغنينا عن هذا قضية الاستحالة هذه .

ولكن لابد من التأكد من أن المواد النجسة يتم استحالتها إلى مواد أخرى غير الأولى، وهذا يسأل فيه أهل الاختصاص.

يقول الدكتور يوسف القرضاوي :-

هناك شيء يغفل عنه الكثيرون وهي قضية الاستحالة، نقول إذا استحالت النجاسة طَهُرت، يعني ممكن الشيء يكون أصله خنـزير ثم استحال أصبح مادة أخرى، أصله خنـزير ولكن أخذ منه وتحول إلى شيء آخر وصار صابون، الفقهاء قالوا مثلاً الأشياء مثل الروث ونحو ذلك حينما تؤخذ وتدخل النار وتحترق، فرمادها حلال لأنه صار شيء آخر، قالوا لو دخل كلب في مملحة ومات في المملحة وأكله الملح وإذا بحثت عنه فلن تجده، أصبح الكلب ملحا، فممكن أن تستعمله في الأكل والشرب وكل شيء، لأنه تحولت العين، الحكم يدور مع عِلِّته وجوداً وعدماً، فالعِلَّة لم تعد موجودة ولذلك إذا لحم الخنـزير أو عظام الخنـزير تحولت وأنا سمعت من أخونا الدكتور محمد الهواري وهو من الدكاترة العلميين الذين يعيشون في ألمانيا من سنين طويلة وله بحث جيد في هذه القضايا، قال لك: معظم هذه الأشياء ممكن تؤخذ ويُعمل منه معجون أسنان، وتعمل منه صابون وتعمل منه جلي هو أصله خنـزير إنما صار مركباً كيماوياً جديداً فأخذ حكماً آخر.

ويقول في موضع آخر :-

ومن أهم المطهرات التي قد يجهلها كثير من الناس: الاستحالة، أي استحالة النجاسة إلى شيء آخر، بمعنى أن يتغير الشيء النجس تغيرا كيميائيا، وهذا أمر مهم جدا في عصرنا. وأذكر أني عندما بدأت زيارتي لبلاد الغرب ولأمريكا خاصة في أوائل السبعينيات من القرن العشرين، وجدت بعض الإخوة من العلميين، قد وضعوا قوائم بالأشياء المحرمة، لأنها مصنوعة من الخنزير، ومنها أنواع من الصابون، ومعجون الأسنان، و(الجلي) وغيرها، وقد سألت بعض الإخوة الخبراء بهذه المواد: هل هذه الأشياء بقيت على أصلها أو تغيرت تغيرا كيميائيا؟ فأجابوني بأنها تغيرت تغيرا كيماويا، أي استحالت من مركب إلى مركب آخر.

فقلت لهم: إن الاستحالة ـ في القول الراجح ـ تطهر الشيء النجس، وتحل الشيء الحرام، لأنه أصبح شيئا آخر بخصائص أخرى، وهذا ما ذكره كثير من الفقهاء الحنفية والمالكية، حتى قالوا: لو أن كلبا أو خنزيرا دخل ملاحة، ومات فيها، فأكله الملح، ولم يعد للكلب ولا للخنزير أثر، فإن هذا الملح يجوز الانتفاع به، لأنه لم يعد كلبا ولا خنزيرا، وإنما أصبح ملحا، ولا عبرة بأصله، لأننا نحكم على الشيء بوصفه الحالي، وليس بأصله، فالخمر أصلها عِنَب فلما تخمَّر وتحول إلى مادة مُسْكِرة صار خمرا محرمة، فإذا صارت الخمر خَلا صارت حلالا، وهكذا.

جاء في (البحر الرائق) من كتب الحنفية: من الأمور التي يكون بها التطهير: انقلاب العين. ومضى إلى أن قال: وإن كان في غيره ـ أي الخمر ـ كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحا: يؤكل.

ويذكر ابن تيمية، ما مفاده أن الخمر إذا انقلبت بنفسها حلّت باتفاق المسلمين، فغيرها من النجاسات أولى، أن تطهر بالانقلاب، إذا قدر أن قطرة خمر وقعت في خل مسلم بغير اختياره فاستحالت، كانت أولى بالطهارة، وقال: إن جميع النجاسات نجست بالاستحالة، فإن الإنسان يأكل الطعام ويشرب الشراب، وهي طاهرة، ثم تستحيل دما وبولا وغائطا فتنجس، وكذلك الحيوان يكون طاهرا، فإذا مات احتبست فيه الفضلات، وصار حاله بعد الموت خلاف حاله في الحياة فتنجس، ولهذا يطهر الجلد بعد الدباغ عند الجمهور، وقيل: إن الدباغ كالحياة أو إنه كالذكاة، فإن في ذلك قولين مشهورين للعلماء، والسنة تدل على أن الدباغ كالذكاة أي الذبح .

ويقول الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث :-

حرَّم الله -عز وجل- أكل الخنزير، وقرَّر أنه رجس، وهو ما جعل العلماء يعتقدون بنجاسته نجاسة مغلَّظة، وبالتالي لم يجيزوا الانتفاع به؛ بسبب هذه النجاسة.

ومن المعروف أيضًا أن الخمر نجسة عند جمهور الفقهاء، لكنها إذا انقلبت خلاًّ أصبحت حلالاً وجاز الانتفاع بها، ولم تَعُد نجسة.

وقياسًا على ذلك فإن الجيلاتين المستخرج من الخنزير قد تحول إلى شيء آخر غير الخنزير، بالاسم وبالصفات؛ لذلك لا يصح أن يطلق عليه حكم التحريم أو النجاسة، فكلاهما زال بمقتضى عملية التحول الكيميائي.