حرص الإسلام على إقامة العدل بين الناس ، ومن مقتضى العدل، أن يقتص من القاتل ، وجعل التشريع الإسلامي القصاص من القاتل من مهام ولي الأمر؛ لا الأفراد ، وهذا يؤدي لاستتباب الأمن ، وحفظ النفس ، واستقرار المجتمع .
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر – رحمه الله :
الإسلام لو ترك كل فرد أن يأخذ ثأره بنفسه، دون قيد أو نظام، لكانت هناك الطامة الكبرى، لأن صاحب الثأر طَرَفٌ في الخصومة، وهو لا يَستبين الرُّشْد في خطواته وتصرفاته لو جعل نفسه حاكمًا؛ ولذلك اشترط الإسلام أن يفصل في الخصومة من لا يد له فيها، حين يكون محايدًا، واشترط الإسلام للقاضي صفاتٍ تجعله بعيدًا عن الشُّكوك والرِّيَب، ولا يمكن أن يكون الفرد خَصمًا وحَكَمًا في وقت واحد.
ولقد جَعلتِ الشريعة الإسلامية الإشراف على القصاص وإقامة الحدود من اختصاص ولي الأمر الشرعي، فالسلطان هو الذي يمنع الجريمة، وهو الذي يَضبطها إن وقعت، وهو الذي يَحكم فيها بحُكم الله ورسوله، وهو الذي يُحدِّد موعد الاستيفاء، وهو الذي يُشرِف على التنفيذ بعد التمكين منه.
ومع هذا أباح الإسلام لولي الدم وهو قريب القتيل المُطالَب بدمه أن يَستوفي القصاص بنفسه بعد استتمام الخطوات السابقة، وبشرط أن يكون ولي الدم قادرًا على القصاص مُحسِنًا له، فإذا كان عاجزًا عنه، أو لا يَثق من إتقانه له، جاز أن يُوكِّل غيره في ذلك، أو يَختار السلطان من يُحسِنُ ذلك لتنفيذه . أ.هـ