الأصل في الخنزير أنه محرم ، لأنه نجس العين لذاته ، فيحرم بكل أجزائه ، أما إذا استحال (تحول) إلى شيء آخر ، فقد اختلف الفقهاء في طهارته، فيري بعض الفقهاء أنه لا يطهر بالاستحالة ، بناء على أنه لا يطهر بالاستحالة إلا ما كانت نجاسته طارئة غير أصلية ، فالشيء الطاهر الأصل إذا تنجس ثم زالت عنه النجاسة عاد طاهرا ، كالخمر إذا تخللت ، لأن أصلها عصير طاهر.
وهذا ما يرجحه الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل فيقول :
فيما يتعلق بحكم المواد الغذائية التي يدخل فيها موادُّ كيماويةٌ مأخوذةٌ من عَظْم الخِنزير أو عظم الحيوانات المَيْتَة، فإن مقتضى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وما يُستفاد من أقوال المفسرين والفقهاء يدل على أن الخِنزير حرام على المسلمين بجميع أجزائه، فلا يحلّ أكله ولا الانتفاع به ولا بأي جزء من أجزائه، وكذا المَيْتَة والدم لقوله تعالى: ( إنما حَرَّمَ عليكم المَيْتَةَ والدمَ ولحمَ الخِنزيرِ وما أُهِلَّ به لغيرِ الله ) (البقرة: 173) وتكرر هذا التحريم في الآية رقم 3 من سورة المائدة، ولقوله ﷺ: “إن الله حَرَّم بيعَ الخِنزير والمَيْتة والخمر والأصنام” فقيل: يا رسول الله أرأيتَ شحومَ الميتة فإنها يُطْلَى بها السفن، وتُدْهَن بها الجلود، ويَستصبح بها الناس ( أي يتخذوها وقودا للمصابيح ) . فقال: ” لا، هو حرام “.
ومن هذه النصوص وغيرها يتبين أن المواد الغذائية التي تدخل فيها المواد الكيماوية حرام، إذا كانت هذه المواد مأخوذةً مما حَرَّم الله ورسوله، ما دام أصلها نَجِسًا، حتى لو تحولت إلى موادَّ أخرى، فقد ورد في المُغْني (1 /740) ما نصه: “ولا تَطْهُر النجاسة بالاستحالة، فلو أَحرَقَ السّرجِينَ ( وهو مادة نجسة ) فصار رَمادًا، أو دفَع كلبًا في ملاّحة فصار ملحًا لم تَطْهُر؛ لأنها نجاسة لم تَحْصُل بالاستحالة فلم تطهر بالاستحالة، كالدم إذا صار قيحًا أو صديدًا، وخُرّج عليه الخمرُ، فإنه نَجِس بالاستحالة فجاز أن يطهُر بها” اهـ.
وهذا عند بعض الفقهاء، ومُفاد ذلك أن ما كان نجسًا في أصله فلا يَطْهُر بالاستحالة كالخنزير والدم، وما كان أصله طاهرًا وطرأت عليه النجاسة كالخمر المأخوذ من العنب والتمر، وهو طاهر في الأصل، فإذا تَنَجَّسَ بالتخمر، ثم استحال إلى شيء آخر غير الخمر، طهر بذلك التحول، وتكون الاستحالة بهذا المفهوم هي تحول المادة إلى مواد أخرى، وهذا في غير حالة الضرورة، والضرورة تُقَدَّر بقَدْرها. (انتهى)
هذا وللدكتور القرضاوي رأي آخر في هذه المسألة ، حيث يرى أن الاستحالة تشمل كل نجس . وله في ذلك فتوى بعنوان : الجيلاتين الحيوانى.