وضع الحناء في اليدين والرجلين من الزينة التي تتفق مع طبائع النساء، أما استعمال الرجال لها فهو دائر بين الحرمة والكراهة، لأنه فضلا عن أنه من خصائص النساء يدخل في الترف والزينة، أما إذا كان استخدام الحناء للتداوي فلا مانع منه.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :-
قد ذكر العلماء حكم الخضاب للرجال والنساء. فأما للنساء، فقالوا: يستحب للمرأة المتزوجة خضاب اليدين والرجلين. وكان هذا من عادة العرب في الجاهلية، وأقره الإسلام، ولا سيما للمرأة المتزوجة إذا كان زوجها يحب ذلك. فأما من كان لا يحبه فلا. فقد أتت امرأةٌ عائشةَ، فسألتها عن خضاب الحِنَّاء، فقالت: لا بأس به، ولكني أكرهه، كان حبيبي رسول الله ﷺ يكره ريحه. قال أبو داود: يعني خضاب شعر الرأس.
فمن حق زوجها عليها: أن تتجمل إليه، كما أن ذلك من حقها عليه. روى أبو داود عن عائشة قالت: أَوْمَت امرأة من وراء ستر، بيدها كتاب، إلى رسول الله ﷺ، فقبض النبي يده، فقال: ” ما أدري: أهذه يد رجل أم يد امرأة؟ ” قالت: بل امرأة، قال: ” لو كنت امرأة لغيرت أظفارك ” أي بالحناء.
ومثل ذلك: أنواع الزينة الأخرى التي ابتكرها الناس في عصرنا، ويطلقون عليها (المكياج) فما دامت المرأة تصنع ذلك لزوجها، فلا حرج عليها، بل هي تثاب على ذلك بنيتها، بشرط أن لا تسرف في ذلك، وأن لا يضرها استعماله.
قال الشافعية: وهذا الخضاب حرام على الرجال ـ إلا لحاجة التداوي ونحوه ـ لأنه تشبه بالنساء وهو محظور شرعا، للحديث الصحيح: ” لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء “.
قال النووي:-
ويدل عليه الحديث الصحيح: أن النبي ﷺ نهى أن يتزعفر الرجل ” رواه البخاري ومسلم. ومعناه: أن يتطيب بالزعفران، وإنما نهى عنه للونه لا لريحه. فإن ريح الطيب للرجال محبوب، والحناء في هذا كالزعفران.
ومن العلماء من اكتفى بكراهية هذا الأمر للرجال، وحمل النهي في (التزعفر) على الكراهة. وهذا ما أرجحه.
ومن هذا القبيل: ما روى يعلي بن مرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ، رأى رجلا عليه خلوق، فقال: اذهب فاغسله، ثم لا تعد ” رواه الترمذي (2817) والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن، وقال النووي: وفي النهي عن الخلوق للرجال أحادث كثيرة، وهو مباح للنساء.
وقد وضعه الترمذي في (باب كراهية الزعفران والخَلوق للرجال).
والخلوق: طيب من الزعفران ونحوه، كره للرجال لما فيه من مظاهر النعومة والتشبه بالنساء. انتهى كلام الدكتور .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية في بيان حكم الاختضاب، والاختضاب هو وضع الأصباغ مثل الحناء وغيرها في البدن:-
اتفق الفقهاء على أنه يستحب للرجل أن يختضب في رأسه ولحيته لتغيير الشيب بالحناء ونحوه للأحاديث الواردة في ذلك مثل ما رواه الترمذي: ( إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم).
وجوزوا له أن يختضب في جميع أجزاء بدنه ما عدا الكفين والقدمين, فلا يجوز له أن يختضب فيهما إلا لعذر; لأن في اختضابه فيهما تشبها بالنساء, والتشبه بالنساء محظور شرعا.
وقال أكثر الشافعية وبعض الحنابلة بحرمته.
وقال بعض الحنابلة وصاحب المحيط من الحنفية بكراهته وقد قال رسول الله – ﷺ – { لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء} .