السرقة الأدبية إن كان المقصود منها سرقة نصوص بأكملها من كتاب أو مجلة دون الإشارة إلى قائلها حرام شرعا، وهي سرقة لا توجب الحد ، وإنما توجب التعزير، أما سرقة الأفكار وتطويرها فليست بسرقة على كل حال، ومن الأمانة الإشارة إلى صاحب الفكرة، وإلا كان نوعا من التدليس المحرم دون حد أو تعزير.
حكم الاقتباس من كتاب أو مجلة؟
جاء في فتوى لجنة الفتوى بالأزهر :
«تفيد اللجنة بأن الاقتباس بكل أنواعه من كتاب أو مجلة أو مرجع جائز شرعاً، ولا شيء فيه، بشرط أن ينسب إلى مصدره وصاحبه عند الكتابة والتسجيل، ورده إلى مصدره الأصلي.
أما النقل من كتاب أو مصدر أو مجلة عند التأليف ونسبة ما كتبه الكاتب، وما نقله عن غيره إلى نفسه فهذا أمر حرمه الشرع والقانون، وهو نوع من السرقة.
أما النقل للأفكار وكتابتها وتطويرها بأفكار أخرى وتحديثها فليس في ذلك شيء، وذلك ينطبق على سرقة الأفكار والآراء العلمية والدينية بشرط أنه في هذه الحالة تنسب الفكرة إلى مخترعها ومبدعها، وذلك لا يشبه في حكمه شرعاً حكم سرقة الأموال والمتاع من قطع اليد وإقامة الحد، وإن كان يجوز في ذلك التقدير إذا كان الحال كما جاء بالسؤال. انتهى
يقول الشيخ محمد حسين فضل الله أحد المرجعيات الشيعية بلبنان :
«أولاً: لا يجوز نسبة النص الثابت لكاتب معين إلى كاتب آخر لأنه كذب وتزوير للحقيقة. أما اعتباره سرقة بالمعنى الشرعي للكلمة فيتبع اعتبار الملكية الفكرية للنص من قبل القانون العام، أو العرف بحيث يؤاخذ الشخص على ذلك تماماً كما لو نسب الكتاب إليه أو طبع المؤلف على حسابه لاستثماره من دون إذن صاحبه.
ثانياً: الحكم هو الحكم إذا علم بأن الفكرة مأخوذة من الفكر الآخر لا على أساس توارد الخاطر، أو الإعلان بتبنيه من قبل الشخص الذي يتبناه» انتهى
السرقة الأدبية بين الماضي والحاضر؟
يقول الدكتور زكي بدوي عميد الكلية الإسلامية ببريطانيا :
«إن الفقهاء لم يتعرضوا لهذه المشكلة، إذ كان اهتمامهم منصباً على السرقات العينية، والتي جاء حكمها في آية «والسارق والسارقة.. الآية».
أما السرقات الأدبية فلا ينطبق عليها تعريف السرقة الفقهي، التي تشترط أن يستولي السارق خلسة على ملك الغير بقصد تملكه.
والمواد الفكرية والعلمية لا توضع في حرز ولا تؤخذ خلسة بل تقع السرقة علناً. هذا من جانب ومن الجانب الآخر فقد كانت السرقات الأدبية بمعنى سرقة فكرة معينة في قصيدة وكان العلماء يقتبسون من كتابات غيرهم دون ذكر المصدر، إذ كانوا يرون العلم أمراً مشاعاً حتى كانوا يفتون بعدم دفع أجر لمعلم القرآن مثلاً.
كل هذا لآن الظروف الاجتماعية في الماضي كانت لا تمنح الأديب ولا المفكر ثمناً في مقابل إنتاجه.
أما اليوم فالمقالات الأدبية والفكرية لها ثمنها، فهي إذن مادة ينبغي حمايتها من جانب الشريعة، فأنا أرى أن مرتكبها قد تلبس بجريمة ينبغي أن يعاقب عليها عقوبة تعزيرية، أي غير محددة، يقررها الحاكم ردعاً لعامة الناس من ارتكابها.انتهى