قال رسول الله ﷺ “أبغض الحلال إلى الله الطلاق” فالإسلام قد أباح الطلاق ولكن عندما يكون علاجا لمشاكل تفاقمت بين الزوجين واستحال استمرار الحياة بينهما فيكون الطلاق هو آخر الدواء ولذا حذر رسول الله ﷺ من التساهل في الإقدام عليه ووصفه بأنه أبغض الحلال وقال أيضا: ” أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة” .
ولو أردنا معرفة الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق لوجدنا أن معظمها يرجع إلى مخالفة النهج الذي رسمه لنا رسول الله ﷺ في اختيار الزوج لزوجته واختيار الزوجة لزوجها والذي أساسه الخلق والدين فالجري وراء شهوة أو رغبة لا يجني المرء من ورائه سعادة تدوم، بل من أراد السعادة فليضع نصب عينه قول الرسول الكريم “لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به.
الحكمة من مشروعية الطلاق:
يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي –رحمه الله-:
قد يُبنَى الزواج على الاستلطاف المزاجيّ، أي رآها فأعجَبَته وهو أعجَبَها، ثم بعد ذلك قد تَجِدُّ أمور تجعله يُبغضها أو تجعلها تُبغضه.
أيكون من الحكمة أن نُرغم اثنَين على أن يَعيشَا معًا وأحدُهما كارِهٌ للآخر؟
أية حياة هذه وأية سكينة توجد في بيت تعيش المرأة فيه قهرًا عن الرجل ويعيش الرجل فيه قهرًا عن المرأة؟
ولو نظرنا بإنصاف إلى الأسباب الداعية إلى الطلاق لوجدنا أن ذلك راجع لمخالفة المتزوجين لمقاييس الإسلام، ولو أن طالب الزواج دخل على الزواج بمطلوبات الله تعالى فيه والتي وردت في قول الله تعالى: “والطيبون للطيبات..” –النور: آية 26- وقول النبيّ ﷺ في الحديث الذي رواه البخاري: “تُنكَحُ المرأة لأربع، لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفَر بذات الدين تَرِبَت يداك” لَمَا تفشَّت ظاهرة الطلاق التي نراها اليوم.
وليس ذلك خاصًّا بالزوجين فقط لكنه يتعلق أيضًا بوليّ أمر الزوجة حين يقبل زوجًا لمن هي في ولايته على غير مقاييس الله ومطلوبات الدين، عليه أن يرفضه، أما إذا قَبِلَه بغير مقياس الدين فمن العدل أن يحدث له كثير من المتاعب ففي الحديث الذي رواه الترمذي قال رسول الله ﷺ: “إذا جاءكم مَن تَرضَون دينَه وخُلُقَه فأَنكِحوه، إلّا تفعلوه تكنْ فتنةٌ في الأرض وفسادٌ” قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: “إذا جاءكم مَن تَرضَون دينَه وخُلُقَه فأَنكِحوه” ثلاث مرات.
ولو لم تحدث المتاعب لكان ذلك مخالفًا لمنهج الله ولَشَكَكنا في هذه التعاليم، فالمُنصِف يرى أن متاعب الطلاق اليوم شهادةٌ للدين لا عليه.
والزواج سكينة واطمئنان ومودة ورحمة، ولذلك نجد أن الفاتيكان حيث مقر البابا أعلنت الكنيسة هناك إباحة الطلاق!
لماذا؟
لأنهم وجدوا الفساد بتحريم الطلاق أكثر من الفساد بوجود الطلاق، إذًا هم عندما يرغِّبون في الارتقاء بتشريعاتهم يَخطُون خطوة نحو مبادئ الإسلام، فنحن يجب أن نعتز بإسلامنا، هذا الإسلام الذي يجب أن نعتز به لأنه من صنع الله، وليس من وضع واحد منّا حتى نقول: عقلُه ناقص أو تفكيرُه ناقص أو له هوًى. ولكن اللهَ لا هَوَى له في شيء، الله إنما يشرّع لنا ما يراه في صالحنا، وإذا شرّع لنا سبحانه ما في صالحنا فليس لنا أن نتمرد عليه.