يقول الشيخ محمود شعبان عبد المقصود:

فأما كون الميت يأتيه ملكان في قبره يسألانه، فقد صحَّت بذلك الأحاديث في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ الْعَبْدَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عنه أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ؟ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فيقول: أَشْهَدُ أَنَّهُ عبد اللَّهِ وَرَسُولُهُ…”. أخرجه البخاري (1338)، ومسلم (2870).
وفي غير الصحيحين أنهما يسألانه، يقولان له: مَنْ ربُّك؟ وما دينُّك؟ ومَنْ نبيُّك؟ أخرجه الطيالسي (789)، وأحمد (17803)، وأبو داود (4753)، وغيرهما من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما، وصححه غير واحد. فهذا ثابت لا مرية فيه.
وفي صفة الملكين ورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الترمذي (1071)، وابن أبي عاصم في السنة (864)، وابن حبان (3117)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (56)، والآجري في الشريعة (858)، وفيه: “إذا قُبِرَ أحدكم -أو الإنسان- أتاه ملكان أسودان أزرقان، يُقالُ لأحدهما: الْمُنْكَرُ. والآخر: النَّكِيرُ..”. ونحوه من حديث البراء رضي الله عنه عند أحمد وغيره، وقد تقدم.
وهذه الأحاديث متلقاة عند أهل العلم بالقبول، قال ابن أبي عاصم: وفي المساءلة أخبار ثابتة، والأخبار التي في المساءلة في القبر منكر ونكير أخبار ثابتة توجب العلم، فنرغب إلى الله أن يثبتنا في قبورنا عند مسألة منكر ونكير بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. انتهى.
وفي تفصيل صفة الملكين، وأن أعينهما مثل قدور النحاس، وأنيابهما مثل صياصي البقر، وأصواتهما مثل الرعد، ونحو ذلك أحاديث لا تصح. انظر السلسلة الضعيفة (3585).
والخلاصة أن الميت يأتيه في القبر ملكان يسألانه، وهذا صحيح ثابت.
وأما كون الملائكة لها صفات معينة، فقد ورد ذلك في بعض الأحاديث كما سبق، وعلى فرض عدم صحتها فإن هذا لا ينفي وجود ملائكة في القبر تسأل الميت.

والله تعالى أعلم.