الذين ينكرون تلبس الجن بالإنس لا علم لهم بهذه الأمور الغيبية ، وإنما يقيسونها بعقولهم ، وهذا الأمر يختلف عن طبيعة الحياة التي نعيشها ، فالجن له طبيعة مختلفة عن طبيعتنا ، والذي يعايش هذه الأحداث يعاين ذلك التلبس ، فإننا نرى الشخص يفعل ويقول ما لا يمكنه في حالاته العادية ، وربما لا يعي ذلك ولا يذكره بالمرة ، وإن علامات وجود الجن داخل الجسم تكون ظاهرة جلية لا ينكرها إلا مكابر ، أو من غلبت عليه فلسفة علم النفس ، وإن كثيرا من علماء النفس الذين يدركون هذه الحقائق يوصون مرضاهم بالعلاج بالقرآن .
ولقد وقع تلبس الجن بالإنس أيام النبوة والسلف الصالح ولم ينكره أحد .

هل دخول الجن في الإنسان حقيقي:

يقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله تعالى- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :
لا يـوجـد دليل صحيح يمنع ذلك ، وقال بعض الناس :‏ إن ذلك ممنوع ، لأن طبيعة الجن النارية لا يمكن أن تتصل بطبيعة الإِنس الترابية أو تلبسها وتعيش معها ، وإلا أحرقتها ، لكن هذا الاحتجاج مردود ، لأن الطبيعة الأولى للجن والإِنس ذهبت عنها بعض خصـائصها ، بدليل الحديث السابق ، فى إمساك الرسول للعفريت وخنقه وإحسـاسه ببرد لعابه على يده ، ، فلو كـانت طبيعة النار باقية لأصابت يده الشريفة  ، ولاشتعل البيت والمكان والملابس نارا إذا أوى إليها الشيطان عندما لم يسم الإِنسان عند دخول البيت والأكل من الطعام .‏

وفى هذا يقول ابن القيم فى كتابه زاد المعاد فى ” الطب ” :‏ الصرع ، صرعان ، صرع من الأرواح الأرضية الخبيثة ، وصرع من الأخلاط الرديئة ، والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء ، في سببه وعلاجه ، وأما صرع الأرواح فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ، ولا يدفعونه ، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية ، لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدفع آثارها وتعارض أفعالها وتبطلها ، ثم يقول ابن القيم :‏ لا ينكر هـذا النوع من الصرع إلا من ليس له حظ وافـر من معرفة الأسرار الروحية .‏ وأورد بعض الحوادث التي حدثت أيام النبي  وأثر قوة الروح وصدق العزيمة في علاجها ، وأفاض في النعي على من ينكرون ذلك .‏ (انتهى).

علاج السحر والعين والمس:

إذا ما تعرض أحد من المسلمين لهذا الأمر فعليه بالقرآن فالقرآن هو الشفاء والرحمة للمؤمنين ، قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).

وأفضل ما يقرأ لعلاج المس والسحر: سورة البقرة ، وكذلك الإخلاص والمعوذتين ، ويفضل أن يضم إليها سورة المائدة ، وإن تيسر يضم إليها جزء تبارك وجزء عمَّ .

ويفضل أن يستمع المسحور أو الممسوس إلى الأشرطة المسجل عليها ، وخاصة عن طريق سماعات الأذن ،وينبغي تغميض العينين أثناء الاستماع ليوجد التركيز في الاستماع والتأثير على الجن الماس ، حسب ما قضت به التجربة المتكررة المفيدة.

كما أن قراءة هذه السورة تطرد الشياطين من البيت ومن الجسم .

ويمكن للممسوس أو المسحور أن يعالج نفسه بالقرآن والأذكار متوكلا على الله تعالى ، دون أن يحتاج لغيره ، حتى المشايخ أو القراء .

وأما الطريقة الصحيحة المشروعة التي لا شبهة فيها لعلاج السحر والمس والحسد :
فقد قال الله تعالى ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) ويقول سبحانه وتعالى( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ، وإنهم ليصدونهم عن السبيل..) وقال تعالى( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو ) وقال تعالى عن السحرة ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ) …..

كيفية الوقاية من السحر والجن:

يستطيع المسلم أن يقي نفسه من الجن والسحر والعين بالإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى فهو الحفيظ ، وعلينا بالآتي :
ـ المحافظة على الصلوات فى أوقاتها ، عدا أيام الدورة للمرأة.
ـ المواظبة على أذكار الصباح والمساء والأذكار الأخرى مثل أذكار الدخول والخروج واللبس وخلع الملابس والطعام والشراب ودخول الحمام…
-كثرة الاستغفار والصلاة على النبى  وقول( لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ،وحسبنا الله ونعم الوكيل)كثيرا.
ـ قراءة سورة البقرة كاملة يوميا أو استماعها مع تغميض العينين أثناء الاستماع . لمدة أسبوع. ( وهذا مهم جدا).
ـ عدم استماع الأغانى وعدم التدخين … وسائر المعاصى .
ـ قراءة الفاتحة والإخلاص والمعوذتين سبع مرات على ماء كثير للشرب منه وغسل جميع البدن منه ، على أن يتم استعماله بعيدا عن أماكن النجاسة كالحمام ، وأن يكون القارئ غير مدخن ، وأن يضع يده اليمنى في الماء ويقرب فمه من وجه الماء أثناء القراءة. ويمكن تدفئة الماء قليلا ولكن دون أن يسخن.
ـ قراءة آية الكرسي قبل النوم ، ويستحب النوم على وضوء ، كما يستحب المداومة على الوضوء .
ـ التوكل على الله تعالى ، والدعاء.

جاء في مسند أحمد وصحيح مسلم والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله  قال “لا تجعلوا بيوتكم قبورا فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان” وقال الترمذي حسن صحيح وقال أبو عبيد القاسم بن سلام حدثني ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله  “إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه”
وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله  “إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن البقرة وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخله شيطان ثلاثة أيام” رواه أبو القاسم الطبراني وأبو حاتم وابن حبان في صحيحه

وعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ خُبَيْب ­ بضَمِّ الْخَاءِ المُعْجَمَةِ ­ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قال لي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اقْرأْ : قُلْ هوَ اللَّه أَحَدٌ ، والمعوِّذَتَيْن حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصبِحُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كلِّ شَيْءٍ » . رواهُ أَبو داود والترمذي وقال : حديثٌ حسن صحيح .

وعنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَانَ رضيَ اللَّه عنهُ قالَ : قالَ رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كلِّ يَوْمٍ ومَسَاءٍ كلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَع اسْمِهِ شيء في الأرضِ ولا في السماءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعلِيمُ ، ثلاثَ مَرَّاتٍ ، إِلاَّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيءٌ » رواه أبو داود ، والتِّرمذي وقال : حديث حسن صحيح .

وعلى المسلم العودة إلى الله و التوبة النصوح و تلاوة القرآن و الأذكار الشرعية، والأولى للمسلم أن يلجأ إلى هذا ويحرم عليه أن يلجأ إلى السحرة لطرد الجن. وعليه الحذر من الدجالين ، وأن يعمدوا على الله وحده ، لا على أحد ولو من المشايخ .