يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ

إن حرمان النساء من الميراث بصوره المختلفة من المشكلات المنتشرة في مجتمعنا ، وكثيراً ما يترتب على ذلك الحرمان مآس من ظلم وقهر وأكل أموال الناس بالباطل وإن حرمان النساء من الميراث من مخلفات الجاهلية التي هدمها الإسلام قال قتادة :[ كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان ] وكان أكبر الأولاد هو الذي يأخذ جميع الميراث وكانوا يقولون : لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل وطاعن بالرمح وضارب بالسيف وحاز الغنيمة .
وهذه جاهلية جهلاء حاربها الإسلام وأعطى المرأة نصيبها من الميراث .

يقول الله تعالى :( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) .
فهذه الآية الكريمة أوجبت النصيب من الميراث للرجال والنساء قليلاً كان ذلك أو كثيراً فالمرأة سواء كانت أماً أو زوجة أو أختاً أو بنتاً فلها نصيبها من الميراث ، وهذا النصيب حق شرعي لها وليس منةً أو تفضلاً من أحد ، فلا يجوز لأحد أن يحرمها من نصيبها الذي قرره الشرع الحنيف.

إن كل من يحرم امرأة من نصيبها بأي وسيلة كانت كالتهديد والوعيد بإجبارها على التنازل عن ميراثها أو بالتحايل عليها لإسقاط حقها بما يسميه عامة الناس (إرضاء الأخوات ) زوراً وبهتاناً، فهو آثم ومعطل لحكم الله في هذه القضية ، ومتعد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ,وآكل لأموال الناس بالباطل .

إنني أذكر كل شخصٍ يحرم النساء من الميراث بتقوى الله تعالى ، فاتقوا الله في النساء وأعطوا الحقوق لأصحابها ، وأعيدوا نصيب النساء لهن قبل الرحيل عن هذه الدنيا، وقبل أن الوقوف بين يدي الله يوم القيامة ، كما أذكر هؤلاء بأن الظلم مرتعه وخيم فقد قال صلى الله عليه وسلم:

1. عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ) رواه مسلم .

2. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء – التي لا قرن لها – من الشاة القرناء ) رواه مسلم .

3. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ) رواه البخاري .
4. وعن ابن عباس رضي الله عنهما :( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال : اتقي دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب ) رواه البخاري .