إذا كانت كتب التربية الإسلامية يمكن الانتفاع بها، فإنه يحرم إتلافها على أي نحو من الأنحاء، لحرمان الآخرين من الانتفاع بها، ويمكن في هذه الحالة وضعها في مسجد القرية أو الحي لينتفع بها من شاء من رواد المسجد، أما إذا بليت بحيث أصبح من الصعب الانتفاع بها؛ فهل يجوز إحراقها أو لا يجوز ذلك، وذلك لما فيها من آيات الذكر الحكيم، وأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأقوال أهل العلم من الصحابة والناجعين، وأئمة الهدى، وتلاميذهم، وأتباعهم؟

والأصل في هذه المسألة يرجع إلى اختلاف العلماء في التصرف في المصحف الشريف إذا بليت أوراقُه، وأصبح من المتعذر أو المتعسر الانتفاع به؛ فذهب الحنفية إلى أنه يُجعل في خرقة طاهرة، ويُدفن في مكان غير ممتهن، لا يوطأ بالأقدام، ولا يُهال عليه التراب، إلا إذا جُعل فوقه سقف بحيث لا يصل إليه التراب، وقالوا: ولا يجوزا إحراقه بالنار، ونُقل ذلك عن إبراهيم النخعي، ووافقهم القاضي حسين من الشافعة، وذهب النووي إلى الكراهة، وذهب المالكية إلى جواز إحراقه، بل قالوا: ربما وجب؛ إكراما له، وصيانة عن أن يوطأ إذا دُفن في الأرض.. قال القرطبي -رحمه الله-: “قد فعله عثمان -رضي الله عنه- حين كتب المصاحف إلى الأمصار؛ فقد أمر بما سواها من صحيفة أو مصحف أن يحرق، ووافق على ذلك الصحابة، رضي الله عنهم”.

وذهب الحنابلة إلى أن المصحف لو بلي أو اندرس -أي تعذر الانتفاع به- دفن. نصًّا عن أحمد -رحمه الله-، وذكر الإمام البخاري أن الصحابة لما جمعوا المصحف حرقوا ما عداه، وكان طاووس -وهو من كبار علماء التابعين- يرى أنه لا بأس بتحريق الكتب؛ يعني إذا تعذر الانتفاع بها.