يقول الله سبحانه ( وأَقِمِ الصَّلاةَ إنَّ الصلاة تَنَهَى عَن الفَحْشَاء والمُنْكَر ) ( سورة العنكبوت: 45 )، والمعنى أن الصلاة إذا أُدِّيت تامة بأركانها وشروطها وبخشوعها قوَّت الإيمان بالله والخوف من معصيته واستقام بها السلوك، أما إذا أدِّيَت على غير هذا الوجه فإنها لا تُفيد المصلِّي، لا في عقيدته ولا في سلوكه .

وبقدر ما يكون في الصلاة من الإتقان وباطنًا يكون الثَّواب من الله ويكون تأثيرها على المصلِّي، وقد جاء في حديث أبي داود والنسائي وابن حبان قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” إن الرَّجُل لينْصرف وما كُتب له إلا عُشر صلاته تُسعُها ثُمُنُها سُبُعُها سُدُسُها خُمُسُها رُبُعُها ثُلُثُها نِصْفُها “، وذلك كلُّه حثٌّ على أدائها كاملة الأركان والشروط، ومن أهمها الإخلاص والخشوع .

وقول من لم تنهه صلاته موقوف على ابن مسعود، وليس من كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما أخرجه أحمد في مسنده، وإن رفعه ابن جرير فهو مُرْسل من حديث الحسن، سقط منه الصَّحابي،

ورواه الطبراني وابن مِرْدَوَيْه بإسناد ليِّن كما في تخريج العراقي لأحاديث إحياء علوم الدين .

وليس معنى هذا الكلام أننا لا نصلِّي ما دامت الصلاة لا تقوّم سلوكنا، أو أننا إذا صلَّيناها كانت صلاة باطلة غير صحيحة ولابد من إعادتها على الوجْه المطلوب، كما لا يَنْبَغِي أن نَجْزم بأن الله لمْ يَقْبلها فذلك موكول إلى الله سبحانه، والواجب أن نستمرَّ في أداء الصلاة مع محاولة إتْقانها بكل ما يَلزَم لها، والمجاهدة في سبيل ذلك قد يفتح الله بها القلوب، والاتصال بالله على أي نحو من الأنحاء خير من الانْقطاع عنه ” راجع قول ابن عطاء الله السكندري في عُنوان شرود الذِّهن في الصلاة ” .