على المسلم أن يستصحب نية الجهاد في سبيل الله؛ بحيث يكون مستعدا لبذل النفس والنفيس عندما يتاح له ذلك، فإن حالت الحوائل دون ذلك فلا جناح عليه، وهو معذور والنبي يقول: “من مات ولم يغز، ولم يحدّث نفسه بالغزو فقد مات على شعبة من النفاق”، أما من كان الغزو في نيته وخاطره فلا يدخل في هذا الحديث.

-ندعو الشباب الذي توقد غيرة وتحرق للمشاركة في القتال والدفاع عن إخوانه المسلمين أن يعد نفسه لألوان أخرى من الجهاد، تحتاج إلى تجنيد الآلاف وعشرات الآلاف، بل الملايين من الطاقات البشرية لخدمة المسلمين في أنحاء العالم: لتعليم جاهلهم، وتشغيل عاطلهم، وتدريب عاملهم، وإطعام جائعهم، وعلاج مريضهم، وإيواء مشردهم، وكفالة يتيمهم… إلى آخر ذلك؛ فالشباب مدعوون أن يخوضوا هذه المعارك الدعوية والاجتماعية في أنحاء العالم.

-كما ندعو الشباب المتوقد أن يجند نفسه لتبليغ رسالة الإسلام إلى العالمين –كما هي طبيعية الدعوة الإسلامية-، وهذا يتطلب إعدادًا خاصًا، يحتاج إلى صبر ومصابرة حتى يكوّن الإنسان نفسه التكوين المنشود، ثم ينذر نفسه ليكون جنديًا في خدمة دعوة الإسلام، حيث ما تيسر له، في أي بقعة من أرض الله.
-هذه نصيحة إلى الشباب المؤمن الغيور الذي أسال الله تبارك وتعالى أن يجعل منهم الجنود الصادقين لهذا الدين

كيف يساعد المسلم إخوانه في فلسطين؟

نقول للمسلم المتحمس لمساعدة إخوانه في كل مكان من البلدان الإسلامية: إنه يستطيع أن يساعدهم بعدة أمور منها:
أولاً: التبرع بالمال، أو بجمع المال لمساعدتهم، والله تعالى فرض الجهاد بالأموال وبالأنفس قال تعالى: ( جاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ).

ثانياً: توعية الآخرين بقضيتهم وعدالتها، وإزالة الغبش عنها، ومقاومة التشويشات التي تصدر من أعدائهم ضدها.

ثالثا: أن يدعو الله لهم في صلاته وخلواته وأسحاره بأن ينصرهم على عدوهم، وأن يمكِّن لهم، والدعاء سلاح من أسلحة المؤمنين.

الدعاء واليقين بالله؟

إذا عجز المسلم عن الوقوف مع إخوانه ولم يقدر أن يقدم لهم شيء فلا يعجز عن الدعاء، فالدعاء واليقين بالله أقوى من كل الأسباب التي قد يلجأ إليها المسلم لإعانة إخوانه، فقد يكون الدعاء سببا لفك الكرب عنهم وقد يكون الدعاء سببا لنصرتهم ويكون الدعاء سببا لإغاثتهم.
ومن شروط الدعاء المستجاب أن يكون الداعي صادقا في توجهه إلى الله تعالى بأن يتيقن بأن الله تعالى يجيب الداعي إذا دعاه فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة”.
وينبغي للمسلم أن يكثر من دعاء الله تعالى، ويلح فيه، لا أن يدعو مرة أو مرتين ثم يهجر الدعاء.

-فالدعاء منجاة في الدنيا والآخرة.

-والدعاء في الرّخاء عدّة ليوم الشدة.

-والدعاء سلاح المؤمن.

والواجب أن الإنسان لا يستحسر، بل يستمر في الدعاء ويحسن ظنه بربه، ويقول -عليه الصلاة والسلام: “ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك قالوا: يا رسول الله إذًا نكثر، قال: الله أكثر”.

وقال رسول الله : “لا تعجزوا في الدعاء، فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد”. أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه من حديث أنس.

وأخرج الترمذي والحاكم بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة قوله : “من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكُرَب فليكثر الدعاء في الرخاء”.

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله قال: “الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض”.

فقد استجاب الله تعالى لأصفيائه من خلقه الأنبياء، وأنزل علينا في كتابه العزيز آيات تَضَرُّعِهم وتفضُّله عليهم لنتلوها ونتأسى بها.

قال تعالى: ﴿وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.

وقال تعالى:﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾.

وليعلم المسلم أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

” كل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة، فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه، وقد ورد في ذلك حديث صحيح أخرجه الترمذي والحاكم من حديث عبادة بن الصامت رفعه: ( مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ). ولأحمد من حديث أبي هريرة: ( إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ ). وله في حديث أبي سعيد رفعه: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ) وصححه الحاكم ” انتهى من “فتح الباري” (11/ 95–96).