-سر اختيار أسامة لقيادة الجيش على الرغم من حداثة سنه فيرجع ذلك لاعتبارات عدة منها الرغبة في تنشئة الكوادر وتدريب الشباب على القيادة فقد كان أسامة مفطورًا على حب الجهاد، والخروج إلى الغزو، شجاعًا مقدامًا منذ نشأته؛ فخرج مع النبي في “أحد”، لكنه رده لصغر سنه، ثم شارك في “الأحزاب” بعد أن اشتد عوده، واشترك مع أبيه زيد بن حارثة في “غزوة مؤتة”، وكان ممن ثبت مع النبي في غزوة “حنين”، حين تفرق المسلمون في الجولة الأولى من المعركة، وفرَّ منهم من فر.

-وقد أمر أبو بكر الصديق ـ رضي الله ـ بإنفاذ جيش أسامة وحمل هذا الجيش أعظم وصية في كيفية تعامل الجيوش مع المدنيين:

وقد جاء فيها: “… لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تحتلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرَّغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له”.

-وقد انتصر جيش أسامة وأنجز المهمة التي خرج من أجلها، أما عدم الاستعانة به في فتوحات أخرى فإن عمر بن الخطاب كان يجله ويكرمه، بل كان يفضله في العطاء على ولده عبد الله، وقد اعتزل أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ الفتن التي أطلت برأسها بعد وفاة ذي النورين.

جاء في الإصابة في معرفة الصحابة:

اعتزل أسامة الفتن بعد قتل عثمان إلى أن مات في أواخر خلافة معاوية وكان قد سكن المزة من عمل دمشق ثم رجع فسكن وادي القرى ثم نزل إلى المدينة فمات بها بالجرف وصحح بن عبد البر أنه مات سنة أربع وخمسين.أهـ

وهذا يفسر السر في عدم توليه القيادة بعد قيادته لهذا الجيش، ويكفي أسامة فخرا وشرفا أن أمَّره رسول الله .