جمهور الفقهاء يمنعون المرأة أن تزوج نفسها، ولذلك فهم يمنعونها من توكيل غيرها في الزواج؛ لأنها لا تملكه ابتداء، ولكن يجوز للولي أن يوكل غيره في الزواج، فيمكن لوليها أن يوكل أحدا في مباشرة عقد النكاح، ويتشرط حينئذ بقية شروط النكاح من صيغة وإشهار وشهود وصداق وعدم تأقيت للنكاح.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

توكيل الولي غيره لمباشرة عقد النكاح جائز باتفاق فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إذا توافرت في الوكيل الشروط المعتبرة عند كل مذهب.

وفيما يلي تفصيل ذلك:

فقال المالكية: لا يصح توكيل ولي امرأة لمن يتولى عقد نكاحها نيابة عنه إلا مثله في استيفاء الشروط المشترطة في ولي النكاح.

وقالوا: توكل المرأة المالكة لأمة والوصية على أنثى والمعتقة لأنثى ذكرا مستوفيا للشروط في عقد الأنثى – في الحالات الثلاث – وإن كان الوكيل أجنبيا من الموكلة في الثلاث مع حضور أوليائها، ومن الموكل عليها في الأولى والثانية لا في الثالثة حيث يكون لها ولي نسب، إذ لا ولاية للمعتقة حينئذ حيث يقدم عليها ولي النسب.

وأما في الذكر فكل من المالكة والوصية والمعتقة تلي تزويجه على المشهور، وهو قول ابن القاسم في العتبية والواضحة، وقيل: لا تقبل المرأة للذكر، نقله عبد الوهاب.

وقال الشافعية: التوكيل بالتزويج جائز، فإن كان الولي مجبرا فله التوكيل بغير إذنها على الصحيح، وقيل يشترط إذنها حكاه الحناطي والقاضي أبو حامد، فعلى هذا إن كانت صغيرة امتنع التوكيل، وعلى الصحيح إذا وكل لا يشترط تعيين الزوج على الأظهر.

ولو أذنت الثيب في النكاح أو البكر لغير الأب والجد ففي اشتراط التعيين القولان، وقيل: لا يشترط قطعا، لأن الولي يعنى بدفع العار عن النسب بخلاف الوكيل.

وإذا كان الولي غير مجبر أو كانت ثيبا ففي التوكيل صور:

إحداها: قالت: زوجني ووكل، فله التزويج والتوكيل.

الثانية: نهت عن التوكيل، فلا يوكل.

الثالثة: قالت: وكل بتزويجي، واقتصرت عليه، فله التوكيل، وهل له أن يزوج بنفسه؟ وجهان، أصحهما: نعم.

الرابعة: قالت: أذنت لك في تزويجي، فله التوكيل على الأصح لأنه متصرف بالولاية. ولو وكل من غير مراجعتها واستئذانها بالكلية لم يصح على الصحيح، لأنه لا يملك التزويج بنفسه حينئذ، والثاني: يصح.

وقال الحنابلة: وكيل كل واحد من الأولياء مجبرا كان أو غيره يقوم مقامه، وإن كان الولي حاضرا، لأنه عقد معاوضة فجاز كالبيع، ولأنه ورد أنه صلى الله عليه وسلم وكل أبا رافع في تزويجه ميمونة. والولي ليس بوكيل للمرأة لأنه لم تثبت ولايته من جهتها، ولو كان الولي وكيلا عنها لتمكنت من عزله كسائر الوكلاء، وإنما إذنها – حيث اعتبر – شرط لصحة تصرفه أشبه ولاية الحاكم عليها، وحيث تقرر أنه ليس وكيلا عنها فله توكيل من يوجب نكاحها بغير إذنها، وقبل إذنها لوليها في تزويجها وإن لم تكن مجبرة، ولا يفتقر إلى حضور شاهدين لأنه إذن من الولي في التزويج فلا يفتقر التوكيل إلى إذن المرأة ولا الإشهاد عليه كإذن الحاكم. ويثبت للوكيل ما يثبت للموكل حتى في الإجبار لأنه نائبه، وكذا الحاكم والسلطان يأذن لغيره في التزويج.

ولا يملك الولي توكيلا في تزويج موليته إن وكلت غيره – كما لو وكلت من هو أبعد منه – ولو كان توكيلها للبعيد بإذنه، فلو وكل في هذه الحال لم يصح توكيله، لأنه إن صح بدون إذنها لكن صحة تصرف وكيل الولي موقوفة على استئذانها وقد سبق صدور الإذن منها لغيره فلم يصح توكيله لذلك.

ولو وكل ولي غير مجبرة في تزويجها بلا إذنها، ثم أذنت لوكيل وليها في تزويجها فتزوجها صح النكاح ولو لم تأذن للولي في التزويج أو التوكيل، لقيام وكيله مقامه.

ويشترط في وكيل الولي ما يشترط في الولي من الذكورة والبلوغ والعقل والعدالة واتحاد الدين والرشد، لأنها ولاية فلا يصح أن يباشرها غير أهلها، ولأنه إذا لم يملك تزويج موليته أصالة فلأن لا يملك تزويج مولية غيره بالتوكيل أولى.

ويصح توكيل الولي في إيجاب النكاح توكيلا مطلقا، ويصح قول الولي لوكيله: زوج من شئت أو من ترضاه، روي أن رجلا من العرب ترك ابنته عند عمر رضي الله تعالى عنه وقال: إذا وجدت كفئا فزوجه ولو بشراك نعله، فزوجها عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، فهي أم عمرو بن عثمان، واشتهر ذلك فلم ينكر، وكالتوكيل في البيع ونحوه.

ويتقيد الولي إذا أذنت له أن يزوجها وأطلقت بالكفء، وكذلك وكيله المطلق يتقيد بالكفء، وإن لم يشترط، لأن الإطلاق يحمل على ما لا نقيصة فيه.

ويصح توكيله مقيدا، كزوج فلانا بعينه، أو زوج هذا، فلا يزوج غيره لقصور ولايته.