توزيع المطويات أو الشرائط الدعوية، والتي تتضمن أمرا بمعروف، أو نهيا عن منكر، ولا تحض على الفاحشة، وليس فيها إثارة للفتنة وللفرقة أمر مطلوب شرعا، فالدعوة إلى الله تعالى فريضة على كل مسلم ومسلمة بنص الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله ﷺ:”بلغوا عني ولو آية”، وإذا كان الحال كذلك فليس لإمام المسجد أن يعترض على مثل هذا الأمر، وإن أصر على منع توزيع الشرائط أو المنشورات فيقع عليه تبعة إصراره على منع الخير أن يصل إلى الناس.
ما هي ضوابط توزيع مطويات في المسجد؟
يقول سماحة المستشار فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:
الأمر يحتاج إلى حكمة ورويَّة. يجب المحاولة ابتداءً فتح حوار مع إمام المسجد لإقناعه بوضع مطويات في تعليم المسلم بعض أحكام دينه، فإن عجز الشخص عن الوصول لنتيجة مع الإمام فإنه بإمكانه توزيع المطويات على المصلين، ولكن عليه أن يراعي عدّة أمور:
1- أن لا يعرض نفسه لأذىً من الجهات المعنية.
2- أن لا يترتب على ذلك فتنة في المسجد.
3- أن لا تحصل بينه وبين إمام المسجد جفوة، إذ الألفة والحب في الله والاعتصام بدينه وبخاصة في هذه الظروف تقدم على هذه الخلافات الفقهية التي يسعها الإسلام جميعاً.
حكم توزيع مطويات أو مطبوعات في المسجد؟
يقول مسعود صبري –الباحث الشرعي- فيقول:
توزيع المطويات التي تحتوى على مادة شرعية ، من بيان أخطاء المصلين ، أو تعليم الناس شيئا نافعا في العبادات أو المعاملات ونحوها أمر محمود شرعا ، ويثاب فاعله.
وقد قال النبي ﷺ ” بلغوا عني ولو آية “، والتبليغ كما يكون بالكلام الصوتي ، فهو يكون بالمادة المكتوبة .
و إن كان للصوت أثره في النفس ، فهو أثر في الغالب سرعان ما يزول ، أما الكلام المكتوب فهو يبقى ويمكن للإنسان أن يعاود النصيحة من حين لآخر.
ولكن ينبغي ألا تشتمل هذه المطويات على ما يدعو إلى التفرقة بين المسلمين ، من نشر المسائل الخلافية لنصرة رأي على رأي كالخلاف في رفع اليدين ، أو قنوت الفجر ، أو تقصير الثياب ونحو هذا ، فإن إثارة مثل هذا الخلافات الفقهية تحدث بلبلة بين الناس، والأصل أن مسائل الخلاف لا إنكار فيها عملا بالقاعدة الفقهية (لا إنكار في المختلف فيه إنما الإنكار في المجمع عليه).
-كما ينبغي ألا تشتمل المطويات على ما يخالف العقيدة الصحيحة، أو الآراء الشاذة ، أو ما يحمل روح التثبيط في الأمة .
-وأن تخلو من الأمور التي لا تليق بالمسجد ، كالترويج للآراء الحزبية ، ونصرة بعض المذاهب والفرق على الأخرى .
-ولا يجوز لإمام المسجد أن يمنع أحدا من نشر مثل هذه المطويات ، شريطة أن يستأذن إمام المسجد في هذا ، فإن خلا المنشور من المحاذير المذكورة ، فلا بأس بهذا الفعل ، وهو مبني على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد قال تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم من بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ).
ومثل هذا العمل من وسائل الدعوة إلى الله تعالى ، فلا يحرم مسلم من فعله .
كما أن فيه نشرا للعلم النافع ، وهو من الأمورالمحمودة شرعا ، والتي يثاب عليها فاعلها.
والصد عن فعل الخير مذموم شرعا، قال تعالى :( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ) ، ولكن إن ترتب على إلصاق هذا المنشور ضرر محقق، فيجوز النهي عن مثل هذا الفعل .
فالفعل في أصله مباح ، إلا أن تكون هناك مصلحة في تركه، وأن تكون هذه المصلحة محققة ، وليست موهمة ، وأن ترتبط المصلحة بالدين ، لا بالآراء الشخصية ، أو الهوى .
ولكن إن أصر إمام المسجد على منع توزيع هذه المطويات أو الشرائط الدعوية فعلى المسلم عدم إثارة البلبلة في المسجد ويتحمل إمام المسجد تبعة تقصيره في منع الخير أن يصل إلى الناس.