أعظم الأخلاق أن تعبد الله وحده وتخصه بالعبادة ، لا تعبد معه ملكًا ولا نبيًا ولا وليًا ولا صنمًا ولا شجرًا ولا كوكبًا ولا غير ذلك ، تعبده وحده سبحانه وتعالى؛ قال عز وجل : “وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ”
وقال سبحانه : “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ”
وقال تعالى :” وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ” وهو المعبود بالحق جل وعلا كما قال سبحانه وتعالى : ” ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ”

وهذه العبادة هي أعظم الواجبات وأعظم الحقوق وأعظم الأخلاق ؛أن تعبده وحده أينما كنت في الشدة والرخاء في الصحة والمرض في السفر والإقامة حتى تلقى ربك وأنت لا تصلي إلا له ولا تدعو إلا إياه ، ولا تستغيث إلا به ولا تذبح إلا له ، ولا تنذر إلا له ، ولا تتصدق إلا له ، تقصد بأعمالك كلها وجهه سبحانه وتعالى دون كل من سواه ، لأن العبادات كلها يجب أن تكون لله وحده.
قال تعالى : “إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ” وقال تعالى : “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ”

وكل العبادات التي أمر الله بها وشرعها لنا يجب أن تكون لله وحده ، فلا يستغاث بالأموات ولا ينذر لهم ولا يطلب منهم النصر على الأعداء ولا شفاء المرضى ، ولا يطلب من الأنبياء ولا من الكواكب ولا من الملائكة ولا من الجن ولا من غير ذلك ، كل هذا يختص بالله وحده فهو الذي يدعى ويرجى ويسأل سبحانه وتعالى .

أما المخلوق الحي فلا بأس أن يسأل فيما يقدر عليه وفيما يجيزه شرع الله المطهر بينك وبينه ، كما قال الله في قصة موسى : ” فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ”

وقال تعالى : ” فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ” فلا بأس في الأشياء الحسية الدنيوية أن تخشى اللص والسراق فتغلق بابك أو تجعل عليه حراسة خوفًا من شرهم كما قال تعالى عن موسى عليه السلام : ” فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ” خرج من مصر خائفًا يترقب من شر الفراعنة وهذا من الأسباب الحسية التي شرعها الله لعباده .

وهكذا قول الله سبحانه وتعالى : ” فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ” والمعنى أنه استغاثه الإسرائيلي على القبطي فأغاثه موسى لأنه حي موجود قادر على المطلوب ، فإذا قلت لصاحبك : يا فلان أعني على إصلاح سيارتي ، وهو حاضر يسمعك فلا بأس بذلك فليس هذا من العبادة ، وهكذا لو قلت يا أخي أقرضني كذا وكذا من المال ، ساعدني على بناء هذا البيت وهو من خواص إخوانك القادرين تطلب منه المساعدة في شيء يقدر عليه فهذا ليس من العبادة أيضًا ولا بأس به في الحدود الشرعية.

أما أن تأتي لميت فتقول : يا فلان أو يا سيدي فلان انصرني أو اشف مريضي أو نحو ذلك فهذا شرك أكبر ، أو تطلب من الجن أن يغيثوك ويمنعوك من عدوك ، أو تطلب من الملائكة أو من الأنبياء الذين قد ماتوا فهذا من الشرك الأكبر ، أو تدعو الشمس أو القمر أو النجوم وتسألها النصر أو الغوث على الأعداء وما أشبه ذلك فكل هذا من الشرك الأكبر المخالف لما بينه الله في قوله سبحانه : ” إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ” وهذا هو توحيد الله وهذا هو الخلق العظيم خلق الرسل وأتباعهم- توحيد الله والإخلاص له دون كل ما سواه سبحانه وتعالى_