يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:
الظاهر أن هذا السابَّ لم يقصد بما نبز به إلا الإهانة وهو لا يكفر بذلك بل عليه التعزير ، وهذا من المحرمات يجب عليه التوبة منه واستحلال من سبه ، أما الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عمر بلفظ ( أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت إليه ) وفيه روايات أخرى عنده وعند البخاري وغيرها .
قال النووي في شرح مسلم : ( هذا الحديث مما عدَّه بعض العلماء مشكلاً من المشكلات من حيث ظاهره من حيث إن ظاهره غير مراد ، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المؤمن بالمعاصي كالقتل والزنا ، وكذا قوله لأخيه ( كافر ) من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام .
وإذا عرف ما ذكرناه فقيل في تأويل الحديث أوجه، ثم ذكرها وهي خمسة :
( 1 ) أنه محمول على المستحل .
( 2 ) أن معناه رجعت نقيصته عليه يعني أنه أراد أن ينقص أخاه فكان هو الناقص بقوله السوء .
( 3 ) أنه محمول على الخوارج الذين يكفرون المسلمين ، وردَّه النووي .
( 4 ) أن ذلك يأول به إلى الكفر على حد قولهم : المعاصي بريد إلى الكفر .
( 5 ) أن معناه فقد رجع عليه تكفيره ( قال) : فليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير لكونه جعل أخاه المؤمن كافرًا فكأنه كفَّر نفسه إما لأنه كفر من هو مثله وإما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام.
أقول : والذي حقَّقه الغزالي ويدل عليه أول كلام النووي وهو ما لا خلاف فيه عند العارفين أنه إنما يكفر بذلك إذا كان قصده أن ما عليه المسلم من الإسلام كفر وهو لا يقصد هذا إلا إذا كان يعتقد بطلان دين الإسلام .