إذا كان الأمر مجرد تبييض للأسنان فهذا داخل في التنظيف والزينة، فلا شيء فيه بشرط أن لا يكون به ضرر، وقد أمر النبي ﷺ أمته بالسواك، واشتد في طلب ذلك، أما إذا كان المقصود التفريق بين الأسنان أو تبريدهما، فقد نقلت الموسوعة الفقهية الكويتية اتفاق الفقهاء على حرمة التفريق بين الأسنان، وعلى حرمة برد الأسنان بالمبرد لترقيقها، وسواء في ذلك الرجل أو المرأة.
حكم تفليج أو تفريق أو وشر الأسنان:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
التفليج لغة هو التفريق بين الأسنان سواء، أكان خلقة، أم بتكلف، بأن يبردها بالمبرد ونحوه طلبا للحسن ، ويقال : رجل أفلج الأسنان وامرأة فلجاء الأسنان. ورجل مفلج الثنايا أي منفرجها.
والمتفلجة هي التي تتكلف، بأن تفرق بين الأسنان لأجل الحسن. وهو من الفلج (بفتح الفاء واللام) وهو الفرجة بين الثنايا والرباعيات.
وفي صفته -ﷺ- أنه كان مفلج الأسنان، وفي رواية أفلج الأسنان، وعن ابن عباس قال : “كان رسول الله ﷺ : أفلج الثنيتين، وإذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه.
أما الوشر تحديد الأسنان وترقيق أطرافها. وفي الحديث : “نهى عن النامصة والواشرة”. والفرق بينهما : أن التفليج هو تفريق الأسنان ، والوشر هو تحديدها وترقيقها .
أما حكم هذه الأعمال فقد اتفق الفقهاء على أن تفليج الأسنان لأجل الحسن حرام ، سواء في ذلك طالبة التفليج وفاعلته ، وذلك لما ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : “لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والنامصات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله”. قال : فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن فأتته. فقالت : ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقال عبد الله : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ﷺ وهو في كتاب الله. فقالت المرأة : قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته . فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه . قال الله عز وجل : “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا”، فقالت المرأة : إني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن . قال : اذهبي فانظري . قال : فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئا، فجاءت إليه فقالت : ما رأيت شيئا فقال : أما لو كان ذلك لم نجامعها أي لم نجتمع معها وعنه رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله -ﷺ- يلعن المتنمصات، والمتفلجات، والمتوشمات اللاتي يغيرن خلق الله عز وجل.
ثم إن هذه الحرمة ليست مطلقة، وإنما هي مقصورة على من تفعل ذلك للحسن. لأن اللام في قوله : “للحسن” للتعليل، أما لو احتيج إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس به.
والتفليج عادة يكون ما بين الثنايا والرباعيات من الأسنان وقال العيني : لا يفعل ذلك إلا في الثنايا والرباعيات وكان التفليج يستحسن في المرأة، فربما صنعته المرأة التي تكون أسنانها متلاصقة لتصير متفلجة قال النووي : وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها في السن إظهارا للصغر وحسن الأسنان، لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار، فإذا عجزت المرأة وكبرت سنها فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر وتوهم كونها صغيرة. انتهى.
حكم تقشير الوجه :
المقصود بتقشير البشرة هو إزالة القشرة الخارجية للجلد، لعيب حادث في الجلد، أو ليبدو أكثر نضارة.
وتتم تلك العملية بمعالجات كيماوية، أو بالليزر، أو بالتقشير الميكانيكي بواسطة بعض الآلات الدقيقة.
وقد وردت السنة بالنهي عن تقشير الوجه، ففي المسند عن عائشة رضي الله عنها قالت : “لعن رسول الله -ﷺ- القاشرة والمقشورة، والواشمة والموشومة، والواصلة والمتصلة”.
(قال الهيثمي رواه أحمد وفيه من لا أعرفه.)
والحديث وإن قيل في إسناده ما قيل فإن الأخذ بما دل عليه من التحريم هو مذهب أكثر أهل العلم لأن في التقشير تغييرا لخلق الله والقاشرة هي التي تقشر وجه غيرها ليصفو وجهها، والمقشورة هي التي يقشر لها وجهها ليصفو لونه.
قال السفاريني في غذاء الألباب في شرح منظومة الأداب (1/273) : قال ابن الجوزي : فظاهر هذه الأحاديث تحريم هذه الأشياء التي قد نهي عنها على كل حال، وقد أخذ بإطلاق ذلك ابن مسعود -على ما روينا- ويحتمل أن يحمل ذلك على أحد ثلاثة أشياء: إما أن يكون ذلك قد كان شعار الفاجرات، فيكنَّ المقصودات به، أو يكون مفعولاً للتدليس على الرجل فهذا لا يجوز، أو يكون يتضمن تغيير خلقة الله تعالى، كالوشم الذي يؤذي اليد ويؤلمها، ولا يكاد يستحسن، وربما أثر القشر في الجلد تحسنا في العاجل، ثم يتأذى به الجلد فيما بعد.
وإن كان بعض أرباب الجراحات التجميلية يقولون : إنه لا ضررفي التقشير، ولكن العبرة بما سبق من دليل، وما نقلنا من أقوال أهل العلم.
وقد يكون الشيء لا ضرر فيه، وينهى عنه لعلة أخرى، كالنهي عن الوصل مثلاً.
ولا حرج في إزالة كلف الوجه وتحسينه بغير التقشير، وبغير ما يضر بالوجه.
قال السفاريني : وأما الأدوية التي تزيل الكلف، وتحسن الوجه للزوج، فلا أرى بها بأساً. أ.هـ.