معنى هذه الآية أن رزق كل دابة من عند الله تعالى، أي أن ما يأتيها من رزق فهو من عنده تعالى ، وليس معناه أنها لا بد أن يأتيها رزق ، وأنها لا بد أن ترزق، بل المعنى أن رزقها الذي يأتيها من عند الله تعالى.
يقول الإمام القرطبي في تفسير الآية :-
قوله تعالى : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } ( ما ) نفي و ( من ) زائدة و ( دابة ) في موضع رفع التقدير : وما دابة { إلا على الله رزقها } ( على ) بمعنى ( من ) أي من الله رزقها، يدل عليه قول مجاهد : كل ما جاءها من رزق فمن الله، وقيل : ( على الله ) أي فضلا لا وجوبا، وقيل : وعدا منه حقا .
وظاهر الآية العموم ومعناها الخصوص؛ لأن كثيرا من الدواب هلك قبل أن يرزق وقيل : هي عامة في كل دابة : ولكل دابة لم ترزق رزق تعيش به فقد رزقت روحها .
ووجه النظم بما قبل : أنه سبحانه أخبر برزق الجميع وأنه لا يغفل عن تربيته فكيف تخفى عليه أحوالكم يا معشر الكفار وهو يرزقكم ؟ ! والدابة كل حيوان يدب والرزق حقيقته ما يتغذى به الحي ويكون فيه بقاء روحه ونماء جسده ولا يجوز أن يكون الرزق بمعنى الملك لأن البهائم ترزق وليس يصح وصفها بأنها مالكة لعلفها وهكذا الأطفال ترزق اللبن ولا يقال : إن اللبن الذي في الثدي ملك للطفل.