عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله : “إنَّكم في زمانٍ من ترَك منكم عشرَ ما أمرَ بِه هلَك ثمَّ يأتي زمانٌ من عملَ منكم بعشرِ ما أمرَ بِه نجا” رواه الترمذي.

حقًّا هذا الحديث هادم للدين هدمًا , رواه الترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعًا: “إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك ، ثم يأتي زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا” وهو على كونه غير صحيح قد حملوه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , إذ لا يمكن حمله على جميع التكاليف لما يستلزمه من التفاوت بين الأزمنة في التكليف , واللازم باطل بإجماع المسلمين وبعموم النصوص القطعية ، وقالوا : إن السبب في ذلك أن الإسلام كان عزيزًا وكان الناس كلهم أعوانًا على الحق والخير فلا عذر للمقصر ، وأما الزمان الأخير فيضعف فيه الإسلام ويقل التعاون على الخير , فيكون للمقصر بعض العذر لفقد التعاون وكثرة الموانع من الخير والإيذاء في الله .

ويمكن حمله على ما يأمر به الحكام والسلاطين لأنه كان في العصر الأول حقًّا وخيرًا في الغالب ، أما كون الحديث غير صحيح فنعني به أنه لا يكاد يرتقي عن المكذوب إلى الضعيف , وآفته نعيم بن حماد المحدث الكبير المكثر الذي غر كثيرًا من المحدثين بعلمه وسعة روايته حتى أخرج له البخاري في المتابعات دون الأصول , فهو لا يوثق بما انفرد به .

ومنه هذا الحديث ، صرح الترمذي راويه بأنه غريب لا يعرف إلا عن حماد وقد عد ابن عدي في الكامل جملة مما انفرد به , ومنه ما صرحوا بوضعه ، وفي الميزان عن العباس بن مصعب في تاريخه أن حمادًا وضع كتبًا في الرد على الحنفية وأخرى في الرد على الجهمية ، وكان منهم أولاً ، وقال أبو داود : كان عنده نحو عشرين حديثًا عن النبي ليس لها أصل ، وقال الحافظ أبو علي النيسابوري : سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن , فقيل له في قبول حديثه ؛ فقال : قد كثر تفرده عن الأئمة فصار في حد من لا يحتج به ، وقال في موضع آخر : إنه ضعيف , وقال الأزدي : كان نعيم يضع الحديث ، ولا شك عندي في ذلك , ومن علامة وضع الحديث عدم انطباقه على الأصول الثابتة.