الذي دلت عليه السنة الصحيحة أن الجنين يتم تشكيله في أيام الحمل الأولى بعد خمسة وأربعين يوما على الأكثر، ومن ثم فمن أراد أن يكون المولود ذكرا أو أنثى فعليه أن يتوجه إلى الله تعالى بخالص الدعاء قبل أن يؤمر الملك بتشكيل الجنين وكتابة رزقه وأجله فقد يصادف العبد ساعة إجابة فيستجيب الله له، فتضع المرأة يدها على بطنها أو يضع الرجل يده على بطن زوجه ثم يدعو الله بما شاء.
يقول سماحة المستشار فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:
الثابت في صحيح السنة أن جنس الجنين يحدد في الليلة الثانية والأربعين فقد روى مسلم في صحيحه أنه (إذا مر على النطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصوّرها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم يقول يا رب أذكر أم أنثى فيقضي ربّك ما يشاء، فيكتب الملك ثم يقول: يا رب أجله؟ فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب رزقه؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة من يده فلا يزيد على أمر ولا ينقص). حديث رقم 1849 كتاب القدر. وفي رواية ثانية لمسلم وغيره يتم ذلك بعد أربعين أو خمسة وأربعين ليلة.
ومن المعروف في عقيدتنا أن الأرزاق والآجال وكل ما يجري في هذا الكون مكتوب عند الله تعالى في اللوح المحفوظ. وقد روى مسلم في صحيحه (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) حديث رقم 1843 كتاب القدر.
ورغم ذلك فقد أمرنا بالعمل، وفي الحديث الصحيح (ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أم سعيدة، فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نمكث في كتابنا وندع العمل؟ فقال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة. ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة. فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له)
كما أمرنا بالدعاء، ووعدنا الله بالاستجابة. فقال تعالى: (ادعوني أستجب لكم…) (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداعي إذا دعان…).
فالعمل لا يغير ما قدره الله على عباده، بل يأتي متوافقاً مع القدر، ويثاب الإنسان عليه أو يعاقب لأنه قام به بإرادته الحرة، وهو يتحمل مسئوليته. وقدر الله هو علمه بما سيكون من غير إجبار للخلق على ما يفعلون. والدعاء لا يغير القدر، لكنه مطلوب لأن الإنسان لا يعرف قدره أصلاً، فهو يدعو الله ويكسب أجر الدعاء والتذلل لله، وقد يأتي القدر متوافقاً مع الدعاء، فيكون استجابة من الله، وقد لا يأتي لأنه لم يستوف شروط قبول الدعاء واستجابته.
أما الحديث فنصه كما في سنن ابن ماجة (لا يزيد في العمل إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ،إن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها) وقد رواه أيضاً الترمذي وقال حديث حسن غريب.
ومن المعروف أن الأجل والرزق لا يغير ما قدره الله، والعلماء يقولون في تفسير مثل هذه النصوص، أن زيادة العمر بسبب البر وحرمان الرزق بسبب الخطيئة، ورد القدر بالدعاء، كل ذلك في قدر الله المعلوم منذ الأزل، والمسجل في اللوح المحفوظ. والإنسان لا يدري ذلك فيقوم بالعمل الذي يختاره، ويثاب عليه أو يعاقب، وكل ذلك بقدر الله الذي لا يتغير.
وبالنسبة للجنين، فإن قدر الله أيضاً لا يتغير، لكن الإنسان يجهل هذا القدر فعليه بالدعاء، وقد يتوافق القدر الأزلي مع الدعاء، فيكون الله قد استجاب الدعاء الحادث الآن بقدره الأزلي.لأن علمه قديم وهو سابق للحوادث.
أما ما عدا ذلك فلم يصح شيء سوى ما ورد أنه في أول الحمل أي قبل الأربعين يوماً يضع الرجل يده على بطن زوجه ويسأل الله عز وجل أن يرزقه بمولود ذكر إن أحب ويسميه محمداً.