الواجب هو الرفق واللين في معاملة الآباء والبر بهم والإحسان إليهم أساءوا أم أحسنوا، وعلى كل أب أن يتقي الله في رعيته، وأن يعلم أنه مسئول عنها بين يدي الله يوم القيامة (فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).

يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:

الغالب حدوث الشكاوى من الآباء بسبب عقوق أبنائهم وتنكرهم لما بذلوه في سبيل تربيتهم وتعليمهم، ولكن قد يشكو الأبناء من تعسف بعض الآباء معهم في عدم بذلهم الأموال التي تتطلبها مراحل التعليم المختلفة مثلا أو بعض النفقات الضروررية التي يحتاجونها، وقبل أن نطالب الآباء بما يجب عليهم نحو أبنائهم نشير إلى أمرين هامين بشأن الأبناء:

هل يجوز للأبناء وصف آبائهم بالظلم والجحود

يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان:

-هذه العبارات لا تليق بالأبناء تجاه آبائهم؛ فوصف الابن أباه بالظلم والجحود، هذا تطاول على الآباء وهو مرفوض، خصوصاً إذا عرفنا أن الإنفاق على الأبناء البالغين القادرين على الكسب هو من باب التفضل والإحسان؛ لأن نفقة الآباء على الأبناء واجبة حتى يبلغوا قادرين على الكسب، وعلى البنات حتى يدخل بهن الأزواج.

-وصف الابن لأبيه بالظلم والجحود هو نفسه ظلم وجحود من الابن لأبيه وليس العكس؛ لأن الظلم اعتداء على صاحب حق، والجحود عدم رد الحق على صاحبه. والأب هنا هو صاحب الحق في الحالين بسبب قيامه بما يلزم نحو تربية أبنائه وبذله الغالي والنفيس في توفير احتياجاتهم في التنشئة والتربية، والله يعلم مدى ما يتكبده الآباء في سبيل توفير هذه المساعدات التي يقدمونها لأبنائهم.

نصيحة لكل أب في التعامل مع أبنائه

يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان: نقول للآباء القادرين على توفير مستلزمات التعليم وغيرها ومع ذلك يبخلون بها على أبنائهم فنذكرهم بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) الآية، فالمولى سبحانه يأمر الآباء أن يقوا أنفسهم وزوجاتهم وأولادهم من النار حتى لا يكون الجميع وقوداً لها، ويكون الآباء سبباً لذلك إما بسبب عدم حضهم لهم على طاعة الله تعالى بالتزام أوامره واجتناب نواهيه، والأب هو الوحيد الذي يستطيع ذلك مع أفراد أسرته طوعاً وكرهاً، وإما أن يقصر في توفير نفقاتهم اللازمة -مع قدرته على ذلك- وهو ما يدفعهم إلى التطلع إلى ما في أيدي الغير أو يحول دون قضاء مصالحهم وعدم تحقيق آمالهم المشروعة في الحياة؛ لذلك رخص المصطفى لهند زوجة أبي سفيان أن تأخذ من مال زوجها أبي سفيان ما يكفيها وبنيها بالمعروف من غير علمه.

ورحم الله امرأ أعان ولده على بره، والراحمون يرحمهم الرحمن، وظروف التعليم الآن تحتاج إلى تضحيات، وأحق الناس بهذه التضحيات هم الآباء.