أباح الله سبحانه وتعالى للرجال تعدد الزوجات بشرط قدرة الرجل على العدل بين زوجاته، وقد ثبت أن النبي – ﷺ – قال: من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط. رواه أحمد وغيره، و في رواية أخرى له: جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً. وصححها الشيخ شعيب الأرناؤوط.
والنص الذي أباح الله به التعدد هو قوله تعال: ( وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) النساء/3.
والنص الشرعي في إباحة التعدد:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ( وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) النساء/3 .
فهذا نص في إباحة التعدد فقد أفادت الآية الكريمة إباحته، فللرجل في شريعة الإسلام أن يتزوج واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، بأن يكون له في وقت واحد هذا العدد من الزوجات، ولا يجوز له الزيادة على الأربع، وبهذا قال المفسرون والفقهاء، وأجمع عليه المسلمون ولا خلاف فيه.
وليُعلم بأن التعدد له شروط:
أولاً: العدل
لقوله تعالى: ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) النساء/3 ، أفادت هذه الآية الكريمة أن العدل شرط لإباحة التعدد، فإذا خاف الرجل من عدم العدل بين زوجاته إذا تزوج أكثر من واحدة، كان محظوراً عليه الزواج بأكثر من واحدة. والمقصود بالعدل المطلوب من الرجل لإباحة التعدد له، هو التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة والمبيت ونحو ذلك من الأمور المادية مما يكون في مقدوره واستطاعته.
وأما العدل في المحبة فغير مكلف بها، ولا مطالب بها لأنه لا يستطيعها، وهذا هو معنى قوله تعالى: ( ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) النساء/129
ثانياً : القدرة على الإنفاق على الزوجات:
والدليل على هذا الشرط قوله تعالى: ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) النور/33. فقد أمر الله في هذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعفف، ومن وجوه تعذر النكاح: من لا يجد ما ينكح به من مهر، ولا قدرة له على الإنفاق على زوجته “. المفصل في أحكام المرأة ج6 ص286أهـ
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ( هل تعدد الزوجات مباح في الإسلام أو مسنون ؟ )
فأجاب: ( تعدد الزوجات مسنون مع القدرة لقوله تعالى: ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا ) النساء/3، ولفعله ﷺ، فإنه قد جمع تسع نسوة ونفع الله بهن الأمة، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام ، أما غيره فليس له أن يجمع أكثر من أربع، ولما في تعدد الزوجات من المصالح العظيمة للرجال والنساء وللأمة الإسلامية جمعاء، فإن تعدد الزوجات يحصل به للجميع غض الأبصار وحفظ الفروج، وكثرة النسل، وقيام الرجال على العدد الكثير من النساء بما يصلحهن ويحميهن من أسباب الشر والانحراف.
أما من عجز عن ذلك وخاف ألا يعدل فإنه يكتفي بواحدة؛ لقوله سبحانه ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 3/202
ثانياً: اعلم أن النكاح في أصله يكون واجبا أو مستحبا، أو خلاف الأولى، حسب حال الإنسان وحاجته له، قال ابن قدامة رحمه الله :
والناس في النكاح على ثلاثة أقسام:
الأول: من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح, فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء; لأنه يلزمه إعفاف نفسه, وصونها عن الحرام .
الثاني: من يستحب له, وهو من له شهوة ولكنه يأمن الوقوع في محظور, فهذا النكاح له أولى من التخلي لنوافل العبادة. لأن الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرا بالنكاح وحثا عليه, ولأن النبي ﷺ تزوج, وفعل ذلك أصحابه, ولا يشتغل النبي ﷺ وأصحابه إلا بالأفضل , ولأن مصالح النكاح أكثر, فإنه يشتمل على تحصين الدين, وإحرازه, وتحصين المرأة وحفظها, والقيام بها, وإيجاد النسل, وتكثير الأمة, وتحقيق مباهاة النبي ﷺ وغير ذلك من المصالح الراجح أحدها على نفل العبادة, فمجموعها أولى.
القسم الثالث: من لا شهوة له, إما لأنه لم يخلق له شهوة, أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه, ففيه وجهان: أحدهما, يستحب له النكاح; لعموم الأدلة التي فيها الأمر بالنكاح. والثاني: التفرغ للعبادة أفضل; لأنه لا يحصل مصالح النكاح, ويمنع زوجته من التحصين بغيره, ويضر بها, ويحبسها على نفسه, ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يتمكن من القيام بها, ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه، والأدلة التي فيها الأمر بالنكاح تحمل على من له شهوة; لما فيها من القرائن الدالة عليها.